ويتبعها «الحركات» التي هي بعضها أو جنسها، لتخص هذه المعاني بخصوصيات مفيدة. ألا ترى أن «لبس، يلبس» بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع تعني الخلط، وأنها غير «لبس، يلبس» بكسر ففتح فهذه من اللّباس. وإن مصدر الاولى «اللّبس» بفتح اللام، ومصدر الثانية «اللّبس» بضمها؟
أقول: كان على اللغويين، وأصحاب المعجمات أن يستشهدوا بالآية للدلالة على معنى «الخلط» في ترجمة «لبس» .
٧- قال تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨) .
قوله جل شأنه: وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ، أي فدية.
أقول: وانصراف «العدل» إلى الفدية شيء من الكلم الإسلامي، الذي عرفناه في لغة القرآن.
٨- عثو:
قال تعالى وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠) .
جاء في كتب اللغة:
قال ابن سيده: عثا عثوّا وعثي عثوّا:
أفسد أشدّ الإفساد.
وقال: وقد ذكرت هذه الكلمة في المعتل بالياء على غير هذه الصيغة من الفعل، وقال في الموضع الذي ذكره:
عثي في الأرض عثيّا وعثيّا وعثيانا، وعثى يعثى عن كراع وهو نادر، كل ذلك أفسد.
وقال كراع: عثى يعثى مقلوب من عاث يعيث، فكان يجب على هذا يعثي إلّا أنه نادر، والوجه عثي في الأرض يعثى.
وقرأ القرّاء كلهم: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) بفتح الثاء من عثي يعثى عثوّا، وهو أشدّ الفساد، وفيه لغتان أخريان لم يقرأ بواحدة منهما:
إحداهما عثا يعثو، قال ذلك الأخفش وغيره، ولو جازت القراءة بهذه اللغة، لقرئ: «ولا تعثوا» ولكن القراءة سنّة ولا يقرأ إلّا بما قرأ القرّاء به.
واللغة الثانية: عاث يعيث.
قال الأزهري: واللغة الجيّدة عثي يعثى، لأنّ يفعل لا يكون إلّا فيما ثانيه وثالثه أحد حروف الحلق.