للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملائكة قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠) أي قضينا والقضاء لله تعالى لا لهم؟

قلنا: إسناد التقدير للملائكة مجاز، كما يقول خواصّ الملك: دبّرنا كذا وأمرنا بكذا ونهينا عن كذا، ويكون الفاعل لجميع ذلك هو الملك وليس هم، وإنما يظهرون بذلك مزيد قربهم واختصاصهم بالملك.

فإن قيل لم قال تعالى: وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) .

وأصحاب الحجر قوم صالح، والحجر اسم واديهم أو مدينتهم على اختلاف القولين، وقوم صالح لم يرسل إليهم غير صالح فكيف يكذّبون المرسلين؟ قلنا: من كذّب رسولا واحدا فكأنما كذب الكل، لأن كل الرسل متفقون في دعوة الناس إلى توحيد الله تعالى.

فإن قيل: لم قال تعالى هنا فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) ، وقال في سورة الرحمن:

فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) ؟

قلنا الجواب عنه من وجهين:

أحدهما قد ذكرناه في مثل هذا السؤال في سورة هود. والثاني أن المراد هنا، أنّهم يسألون سؤال توبيخ وهو سؤال:

لم فعلتم؟ أو المراد: أنهم لا يسألون سؤال استعلام واستخبار وهو سؤال:

هل فعلتم، أو يقال: إن في يوم القيامة مواقف، ففي بعضه يسألون، وفي بعضها لا يسألون، وتقدّم نظيره.