للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأبطل مذهب الثنوية، الذين يقولون بإله الخير وإله الشر، لأن له سبحانه، ما في السماوات والأرض من خير وشر، ونعمة وضر ثم بيّن لهم أنهم إن كفروا بما آتاهم من النعم، وتمتّعوا، فسوف يعلمون عاقبة ذلك وقد ورد الكلام بصيغة الأمر التهديدي. ثم ذكر أنهم يجعلون لأصنامهم نصيبا ممّا رزقهم من زروعهم وأنعامهم، وهي جماد لا تحسّ نذرهم، وأنهم يجعلون له سبحانه البنات من الملائكة، ولأنفسهم ما يشتهون من البنين ثم ذكر أنّ من كرههم للبنات أنهم إذا بشّر أحدهم بالأنثى، ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم، يتوارى من قومه من سوء ما بشّر به، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب، ليتخلص من عاره بينهم ثمّ عجب من سوء حكمهم بهذا، وحكم بأن لهم صفة السوء وهي الاحتياج الى الولد، وله الصفة العليا وهي عدم الاحتياج إليه وذكر أنه لو يؤاخذهم بهذا الكفر ما ترك على الأرض من دابّة، ولكنه يؤخّرهم الى أجل مسمّى، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ثم ذكر ثانيا أنهم يجعلون له البنات ولأنفسهم البنين، ليوجب أن لهم النار، وأنهم مفرطون.

ثم أقسم بنفسه أنه أرسل إلى أمم من قبله، فزيّن لهم الشيطان شركهم، فهو يزيّنه لهؤلاء المشركين، كما زيّنه لتلك الأمم ثم ذكر أنه لم ينزل عليه القرآن إلا ليبيّن لهم ما وقعوا فيه من الشرك، وليكون هدى ورحمة لمن يؤمن به.

ثم ذكر، مما يدل على وحدانيته جلّ جلاله، أنه أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، وأنه جعل لنا في الأنعام عبرة، يسقينا مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا وأنه سبحانه، جعلنا نتخذ من ثمرات النخيل والأعناب سكرا ورزقا حسنا، وأنه أوحى الى النحل أن تتخذ من الجبال وغيرها بيوتا، وأن تأكل من الثمرات كلّها، ليخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه، فيه شفاء للناس إلى غير هذا ممّا ذكر من الأدلّة على وحدانيته.

ثم ذكر سبحانه أنهم مع هذا يعبدون من دونه ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض ونهاهم أن يضربوا له الأمثال، بقولهم إنهم خدّامه وأقرب الخلق إليه، فهم يتخذونهم