للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخصوص معنى البعد، فكأنه قيل:

يبعدون من نسائهم مؤلين أو مقسمين.

ويجوز أن يراد لهم: (من نسائهم تربّص أربعة أشهر) كقوله: لي منك كذا.

والإيلاء من المرأة أن يقول: «والله لا أقربك أربعة أشهر فصاعدا، على التقييد بالأشهر، أو لا أقربك على الإطلاق» .

أقول: هذا هو معنى «الإيلاء» في الآية، وأصله القسم.

وجاء في كتب اللغة:

والألوة، والألوة، والألوة، والأليّة على فعيلة، والأليّا كله اليمين، والجمع ألايا.

قال الشاعر:

قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن سبقت منه الأليّة برّت

رواه ابن خالويه: قليل الإلاء، يريد الإيلاء فحذف الياء، والفعل آلى يؤلي إيلاء: حلف، وتألّى يتألّى تألّيا وأتلى يأتلي ائتلاء.

وفي التنزيل العزيز: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ [النور ٢٢] .

وقال أبو عبيد: «لا يأتل» هو من ألوت. أي: قصّرت.

وقال الفرّاء: الائتلاء: الحلف.

وقرأ بعض أهل المدينة: ولا يتألّ، وهي مخالفة للكتاب من تألّ، وهي مخالفة للكتاب من تألّيت، وذلك أن أبا بكر- رضي الله عنه- حلف أن لا ينفق على مسطح بن أثاثة وقرابته الذين ذكروا عائشة، فأنزل الله- عز وجل- هذه الآية، وعاد أبو بكر إلى الإنفاق عليهم.

وقد تألّيت وأتليت وآليت على الشيء وآليته، على حذف الحرف:

أقسمت. أقول: ولم يبق من هذا الفعل في العربية المعاصرة إلا قول المعربين:

فلان لا يألو جهدا، أي لا يقصّر، وهو معنى آخر عرفته العربية في عصورها المتتابعة، وليس هذا موطن الشاهد في [الآية ٢٢٦] .

كما بقي قولهم: آليت على أن أقوم بما يجب عليّ بمعنى عزمت وأقسمت.

ومما يجب أن نلاحظه أن هذا الاستعمال الأخير لا يرد في اللغة المعاصرة إلّا فعلا ما ضيا ليس غير.