المشركين، ويعقب عليه بتخويف البشر من عذاب الله، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم، في تكريم الإنسان، وتمييزه من المخلوقات جميعها، وتسخير الكون جميعه له، حتى يفكّر بعقله، ويؤمن بقلبه، فمن اهتدى، أخذ كتابه بيمينه يوم القيامة ومن عمي عن الحق في الدنيا، فهو في الاخرة أعمى وأضلّ سبيلا.
وفي الآيات ٧٣- ٨٨: تستعرض سورة الإسراء كيد المشركين للرسول (ص) ومحاولتهم فتنته عن بعض ما أنزل إليه، ومحاولة إخراجه من مكّة ثم تأمر النبي (ص) ، بأن يمضي في طريقه، يقرأ القرآن، ويؤدّي الصلاة، ويدعو الله أن يحسن مدخله ومخرجه وتذكر رسالة القرآن بأنها شفاء لأمراض الجاهليّة، ورحمة بالجماعة الإسلامية.
وفي الآيات ٨٨- ١١١: نجد القسم الأخير من السورة، ويستمر الحديث في هذه الآيات عن نزول القرآن وإعجازه، بينما يطلب كفار مكّة خوارق مادية، يطلبون نزول الملائكة، ويقترحون أن يكون للرسول (ص) بيت من زخرف، أو جنّة من نخيل وعنب، تتفجّر الأنهار خلالها تفجيرا أو أن يفجّر لهم من الأرض ينبوعا من الماء، أو أن يرقى هو في السماء، ثم يأتيهم بكتاب ملموس محسوس، فيه شهادة بأنه مرسل من عند الله.. إلى آخر هذه المقترحات، التي يمليها العنت والمكابرة، لا طلب الهدى والاقتناع.
ويردّ الله سبحانه على هذا كلّه، بأنّ ذلك خارج عن وظيفة الرسول، وطبيعة الرسالة.
فالرسول بشر يوحى إليه، وليس إلها يتحكّم في مظاهر الكون وقد سبق أن أعطى الله تعالى موسى (ع) معجزات مادية، فكذّب بها فرعون، وجحد نبوّة موسى فكانت العاقبة، أن أغرق الله فرعون ومن معه من المكذّبين.
إن طريقة القرآن الكريم، هي طريقة الدعوة الهادفة المتأنّية، وقد نزل مفرّقا ليقرأه الرسول على قومه في هدوء وتؤدة، وليجيب عن أسئلة السائلين، وليكون كتاب الحياة، يحياها مع المؤمنين، يعلّمهم دينهم، ويردّ عنهم دعاوى أعدائهم، ويلفتهم إلى الكون وما فيه، حتّى يعبدوا الله ويسجدوا له