ثم ذكر أنه تعالى إذا أراد أن يهلك قرية بذلك العذاب الذي يستعجلونه، أمر مترفيها ففسقوا فيها، فحقّ عليها العذاب فدمّرها تدميرا وأنه كم أهلك من القرون، بهذا الشكل من بعد نوح (ع) ، وأنه أعلم بذنوب عباده، فيقدّر لهم وقت عذابهم كما يريد وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧) .
ثم ذكر أن من يريد العاجلة عجّل له فيها، ما يشاء من خير أو شر، لمن يريد. وليس لأحد أن يتعجّله في شيء، وأنّ من يريد الاخرة ويسعى لها، شكر له سعيه، وأنّه يمدّ كلّا منهما في الدنيا بعطائه، ولا يحظره عن أحد من عباده، وأنه يفضّل بعضهم على بعض في هذا العطاء، وستكون الاخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا.
ثم بيّن بعضا من شريعة القرآن، في الأصول والفروع والأخلاق، فنهى عن الشرك به، وأمر بالإحسان إلى الوالدين، وبإيتاء ذي القربي حقّه والمساكين وابن السبيل، ونهى عن التبذير في المال، وأمر بالاعتذار الحسن عند العجز عن الإحسان، إلى غير هذا من الأحكام التي ختمها بقوله تعالى: ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (٣٩) فختمها بالنهي عن الشرك كما ابتدأها به، وأتبعه بتوبيخهم على نوع خاص من شركهم، وهو زعمهم أن الملائكة بنات الله، فذكر أنه لا يصح أن يؤثرهم بالبنين، ويتّخذ من الملائكة إناثا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً (٤٠) .
ثم ذكر تعالى أنه صرّف في القرآن هذا التصريف من الكلام في الأصول والفروع والأخلاق، ليكون فيه موعظة للناس، ولكنّه لا يزيدهم إلّا نفورا وأمر النبي (ص) ، أن يذكر لهم دليلا على بطلان الشرك لا يمكنهم أن يماروا فيه، وهو أنه لو كان معه سبحانه آلهة لابتغوا سبيلا إلى منازعته، ثم نزّه سبحانه نفسه عمّا يزعمونه من أن له شركاء في ملكه، وذكر أنه هو الذي تسبّح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وأنه ما من شيء إلّا يسبّح بحمده، ولكنهم لا يفقهون تسبيحهم.
ثم ذكر أنه إذا قرأ القرآن جعل بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا، وجعل على قلوبهم أكنّة أن