للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً (٦٠) فذكر سبحانه أنه وعده بالنصر عليهم، حينما أخبرهم بالإسراء فكذّبوه، وارتدّ كثير منهم، وأنه لم يجعل رؤيا الإسراء إلّا فتنة لهم فقد افتتنوا بها، كما افتتنوا بشجرة الزّقّوم الملعونة في القرآن، فقالوا: زعم محمد أن نار جهنم تحرق الحجر، ثم زعم أن في النار شجرة وهي تأكل الشجر، فكيف ينبت فيها الشجر؟ ثم ذكر أنه يخوّفهم بذلك، فما يزيدهم إلّا طغيانا كبيرا.

ثم ذكر لهم قصة آدم مع الملائكة وإبليس، لأنها كانت للاختبار أيضا، ليتّعظوا في اختبارهم بالإسراء، بما حصل لإبليس حينما عصى أمر ربه من الطرد واللعن، ولا يقعوا في مثل ما وقع فيه بتكذيبها وقد ختمها بقوله لإبليس إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (٦٥) .

ثم شرع السياق في أخذهم بالترغيب بعد الترهيب، فذكر سبحانه، أنه هو الذي يسوق السفن في البحر، ليبتغوا من فضله، وأنهم إذا مسّهم الضرّ في البحر وخافوا الغرق لا يلجئون إلّا إليه في كشفه عنهم، فإذا نجّاهم إلى البر يعرضون عنه ويكافرون بنعمته ولا يأمنون أن يخسف بهم جانب البر أو يرسل عليهم ريحا حاصبا، أو يعيدهم في البحر مرة أخرى فيغرقهم بسبب كفرهم ثم ذكر أنه كرّم بني آدم بنعمة العقل، وحملهم في البرّ والبحر، ورزقهم من الطيّبات، وفضّلهم على كثير من خلقه، وأنه سيبعثهم ويحاسبهم على ما أنعم به عليهم، فمن أوتي كتابه بيمينه، وهم الذين قاموا بحقّ هذه النعم، فإنهم يكافئون على ذلك ولا يظلمون فتيلا ومن لم يقم بحق هذه النعم، ولم ينظر بعقله في دنياه حتى صار فيها كالأعمى، فهو في الاخرة أعمى وأضلّ سبيلا.

ثم ذكر تعالى أن فتنة الإسراء، بلغ من شدّتها أنهم كادوا يفتنون النبي (ص) عمّا أوحي إليه من أمرها، ليفتري لهم غيره ولولا أن ثبّته سبحانه فيها، لقد كاد يركن إليهم شيئا قليلا ثم ذكر أنهم كادوا يحملونه على الخروج من مكّة، لشدّة استهزائهم به، ولو أنهم أخرجوه منها لأهلكهم كما أهلك من قبلهم من أخرجوا أنبياءهم من بينهم ثم أمره بأن يعرض عنهم ويقبل على