كان في الأرض ملائكة، يمشون مطمئنين لنزل عليهم من السماء ملكا رسولا وبأنه قد شهد على صدقه بمعجزة القرآن، وكفى به شهيدا بينه وبينهم ثم ذكر أن الهداية والضلال بإرادته لا بالمعجزات، فإذا أراد هداية قوم هداهم، وإذا لم يرد هداية قوم، فلن يوجد لهم أولياء من دونه يهدونهم ويحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا بكما صمّا، مأواهم جهنّم، كلّما خبت زادهم سعيرا، ذلك لأنهم كفروا بمعجزة القرآن، وأنكروا ما جاء به من بعثهم ثم ذكر أنهم لو نظروا في خلق السماوات والأرض، لعلموا أنه قادر على أن يبعثهم، وأنه جعل لبعثهم أجلا لا ريب فيه، وإن كفروا به.
ثم ذكر أنهم لو ملكوا خزائن رحمته، وهي أعظم ممّا اقترحوه من تفجير الأرض وغيره لبخلوا بها، فلا فائدة من إجابتهم إلى ما اقترحوه عليه ثم ذكر أنه آتى موسى تسع آيات بيّنات مثل هذه الآيات، فلم يؤمن فرعون بها، وأراد أن يستفزّ بني إسرائيل من أرضه فأغرقه جلّت قدرته، ومن معه جميعا، وأسكن بني إسرائيل الأرض التي وعدهم بها.
ثم عاد السياق إلى تعظيم شأن القرآن، فذكر سبحانه أنه لم ينزّله إلّا بالحق وبالحق نزل، وأنه لم يرسله إلّا مبشّرا ونذيرا، فمن شاء آمن ومن لم يشأ لم يؤمن ثم ذكر أنه نزّله مفرّقا ليقرأه على الناس على مكث، وأن إيمانهم به وعدمه سواء، لأن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون ساجدين لأذقانهم ثم ختم السورة فأمرهم بأن يدعوه باسمه أو باسم الرحمن، أو غيرهما من أسمائه الحسنى ونهاه أن يجهر بصلاته أو يخافت بها، وأمره أن يبتغي بين ذلك سبيلا وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (١١١) .