لَمْ يَتَسَنَّهْ: لم يتغيّر، والهاء أصلية أو هاء السكت، واشتقاقه من السنة على الوجهين، لأنّ لامها هاء أو واو، وذلك أن الشيء يتغيّر بمرور الزمان.
وقيل: أصله «يتسنّن» ، من الحمأ المسنون، فقلبت نونه حرف علة، كتقضّي البازي. ويجوز أن يكون معنى لَمْ يَتَسَنَّهْ لم تمرّ عليه السنون التي مرّت عليه، يعني هو بحالة كما كان، كأنه لم يلبث مائة سنة. وفي قراءة عبد الله:(فانظر إلى طعامك، وهذا شرابك لم يتسنّ) ، وقرأ أبي:(لم يسّنّه) ، بإدغام التاء في السين.
أقول:
إن كلمة «سنة» مثل شفة من الكلم الثنائي، الذي تحوّل في العربية إلى ثلاثي إفادة من الواو أو الهاء، وقد ذهب اللغويون القدامى إلى أن الواو أو الهاء أصل ثالث، ذهب عن الكلمة فردّ إليها في الكلمات التي قامت على الأصل وهو المفرد «سنة» ، فقالوا في الجمع سنوات وسنهات، كما قالوا شفاه وشفهات وشفوات، وقالوا في المنسوب: سنويّ وسنهيّ، كما قالوا:
شفويّ وشفهيّ، وقالوا في الفعل سانه كما قالوا شافه، والمسانهة معروفة كالمشافهة وكذلك المساناة.
وقد تجاوزت العربية هذا الحدّ في جعل الصوت الثالث في «السنة» واوا، أو هاء، فأفادت من التاء علامة التأنيث فيها، فكانت الصوت الثالث في مادة «سنت» فقالوا:
رجل سنت: قليل الخير، والجمع سنتون ولا يكسّر.
وأسنتوا فهم مسنتون: أصابتهم سنة وقحط وأجدبوا، ومنه قول ابن الزّبعرى:
عمرو العلى هشم الثريد لقومه ورجال مكّة مسنتون عجاف والتاء في «سنت» عند سيبويه على بدل التاء من الياء، ولا نظير له إلّا قولهم ثنتان، حكى ذلك أبو علي.
وفي «الصحاح» : أصله من السنة قلبوا الواو تاء ليفرقوا بينه وبين قولهم:
أسنى القوم إذا أقاموا سنة في موضع.
وقال الفرّاء: توهّموا أن الهاء أصلية إذ وجدوها ثالثة فقلبوها تاء، تقول منه أصابتهم السنة، بالتاء.