يوسف وقال: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الآية ٧٨] أي القرآن المتلوّ في صلاة الفجر.
فإن قيل: قوله تعالى فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ [الآية ٥٦] مغن عن قوله تعالى وَلا تَحْوِيلًا (٥٦) لأنهم إذا لم يستطيعوا كشف الضرّ لا يستطيعون تحويله، لأنّ تحويل الضّر نقله من محل، وإثباته في محل آخر، ومنه تحويل الفراش والمتاع وغيرهما، وكشف الضّرّ مجرّد إزالة، ومن لا يقدر على الإزالة وحدها، فكيف يقدر على الإزالة مع الإثبات؟ والمراد بالآية كشف الضر والمرض والقحط ونحوها؟
قلنا: التحويل له معنيان: أحدهما ما ذكرتم. والثاني التبديل، ومنه قولهم:
حوّلت القميص قباء، والفضة خاتما وأريد بالتبديل هنا الكشف، لأن في الكشف المنفي في الآية تبديلا فإن المرض متى كشف يبدّل بالصحة، والفقر متى كشف يبدّل بالغنى، والقحط متى كشف يبدّل بالخصب وكذا جميع الأضداد، فأطلق التبديل وأراد به الكشف، إلا أنه لم يرد به كشف الضّر لئلّا يلزم التكرار، بل أراد به مطلق الكشف الذي هو الإزالة، يعني فلا يستطيعون كشف الضّرّ عنكم، ولا كشفا ما، ولهذا لم يقل ولا تحويله. وهذا الجواب ممّا فتح الله علي به، من خزائن جوده ونظيره ما ذكرناه في سورة النحل، في قوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣)[النحل] .
فإن قيل: قوله تعالى وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ [الآية ٥٩] . الآية فيها أسئلة:
أوّلها أنّ الله تعالى لا يمنعه عمّا يريده مانع، فإن أراد إرسال الآيات، فكيف يمنعه تكذيب الأمم الماضية؟ وإن لم يرد إرسالها، يكن وجود تكذيبهم وعدمه سواء، ويكن عدم الإرسال لعدم الإرادة. الثاني أن الإرسال يتعدّى بنفسه، قال الله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ [نوح: ١] . فأيّ حاجة إلى الباء؟ الثالث: أن المراد بالآيات هنا، ما اقترحه أهل مكّة على رسول الله (ص) ، من جعل الصفا ذهبا، وإزالة جبال مكّة، ليتمكّنوا من الزراعة، وإنزال مكتوب من السماء، ونحو ذلك وهذه الآيات، ما أرسلت إلى الأوّلين، ولا شاهدوها فكيف