للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩) .

وانطلق موسى مع الخضر في سفينة جيّدة، وفي غفلة من أهلها أخذ الخضر لوحين من خشب السفينة فخلعهما، فذكّره موسى بأن هذا ظلم وفساد، فالتفت الخضر إليه، وقال، كما ورد في التنزيل، أيضا:

قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) .

فاعتذر موسى بالنسيان، ووعد أن يرافقه مع الصبر والسكوت. وسار الرجلان، ثم قتل الخضر غلاما بريئا في عمر الزهر فاحتج موسى، وذكره الخضر بالشرط فسكت.

وفي الجولة الثالثة دخل الرجلان قرية، وكان الجوع قد اشتدّ بهما فطلبا من أهلها طعاما، فأبوا إطعامهما ورأى الخضر جدارا متداعيا أوشك أن يقع، فطلب من موسى مساعدته حتّى بناه وأتم بناءه واعترض موسى على هذا العمل لأن أهل القرية لا يستحقون مثل هذا المعروف، فهم بخلاء لؤماء، فينبغي أن يأخذ الخضر أجرا على بناء الجدار لهم وافترق الرجلان بعد أن سمع موسى من الخضر سبب هذه الأعمال:

أمّا السفينة، فكانت ملكا لجماعة من المساكين يعتمدون عليها في كسب الرزق ووراءهم ملك ظالم يستولي «غضبا» على كلّ سفينة صالحة للعمل، فخرق الخضر السفينة ليراها الملك معيبة فيتركها ليستفيد بها أهلها، فهو عمل مؤلم في الظاهر، ولكنه مفيد في الحقيقة والواقع.

وأمّا الغلام، فقد كان مفسدا وسيشبّ على الفساد والإفساد، وكان أبواه مؤمنين فأراد الله أن يقبض الغلام إلى جواره، وأن يعوّض والديه بنتا صالحة تزوجت نبيّا، وأنجبت نبيّا.

وأمّا الجدار، فكان ملكا لغلامين يتيمين تحدّرا من رجل صالح كريم، وكان تحت الجدار كنز من المال، ولو سقط الجدار لتبدّد الكنز، فأراد الله أن يقام الجدار ويجدّد حتى يبلغا أشدّهما، ويستخرجا كنزهما حلالا طيّبا لهما..

ثم قال الخضر، كما ورد في التنزيل:

وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢) .