وهي تتحدّث في هذا الختام، عن الدار الاخرة أيضا، وعمّن يرجو لقاء ربه، وما يجب عليه، أثرا لهذا الرجاء والإيمان، من عمل صالح، وتوحيد لله لا يخالطه إشراك.
وهكذا يتلاقى أول السورة وآخرها:
أولها يتحدث عن الاخرة بطريق التقرير لها، وبيان مهمة القرآن في إثبات ما يكون فيها من الجزاء إنذارا وتبشيرا، وآخرها يتحدث عن هذه الحقيقة التي تركزت وتقررت، ويحاكم الناس إليها في الإيمان والعمل الصالح.
وممّا يلاحظ أن آيات البدء، قد ذكر فيها أمر الذين قالوا اتّخذ الله ولدا، من إنذارهم وبيان كذبهم وتخليطهم وجهلهم على الله، وذلك هو قول الذين يشركون بالله، ويعتقدون ما ينافي وحدانيته وتنزيهه وأن آية الختام قررت أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وأنّ على من يؤمن به، ويرجو لقاءه ألّا يشرك بعبادته أحدا، فتطابق الأول والاخر في إثبات الوحدانية والتنزيه لله جلّ وعلا، كما تطابقا في أمر البعث والدار الاخرة.
٢- أمّا في أثناء السورة، وما بين بدئها وختامها، فقد جاء أمر البعث عدة مرات:
أ- جاء في مقدمة قصة أصحاب الكهف التي ساقها الله حقيقة من حقائق التاريخ الواقعية، ودليلا على قدرته، وتنظيرا لما ينكره الكافرون من أمر البعث والنشور:
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩) ، وفي ثنايا هذه القصة:
فهي تقرر أن أصحاب الكهف آية من آيات الله، وأنهم، مع غرابة أمرهم، لا يعدّون في جانب القدرة الإلهية عجبا، فإنما هم فتية آمنوا بربّهم، وأووا إلى الكهف فرارا بعقيدتهم، فضرب الله على آذانهم فيه مدة من الزمن، ثم بعثهم. فالله، إذن، قادر على أن يضرب على آذان الناس جميعا في هذه الدار بالموت، كما يضرب على آذانهم