للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض، ثم ينفخ في الصور فيجمعون كلّهم، وتعرض يومئذ للكافرين جهنّم عرضا، فيبصرون، وقد كانت أعينهم من قبل في غطاء، ويسمعون وقد كانت آذانهم من قبل في صمم. وهكذا نجد القصة قد انتهت إلى أمر البعث والدار الاخرة وما فيها، وتخلّصت إليه في براعة وقوة، مذكّرة به، منذرة بما هنا لك من الأهوال والشدائد.

ح- ثم تأخذ السورة بعد ذلك في تهديد الكافرين الذين اتّخذوا من دون الله أولياء، وتبيّن ما أعدّ لهم، وتوازن هؤلاء جميعا بالذين آمنوا وعملوا الصالحات وما أعدّ لهم ويأتي ختامها بعد إثبات القدرة والعظمة لله، وأنّ كلماته سبحانه لا تنفد ولو كانت مياه البحار كلها مدادا لها. والمراد آياته في الكون وتصريفه وآثار قدرته، فتذكر رسالة الرسول، وأنها عن وحي من هذا الخالق القادر الواحد وتتوجّه بعد ذلك إلى الناس جميعهم بصيغة من صيغ العموم، هي لفظ «من» فتقول:

فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠) .

بهذا، يتجلّى للناظر في السورة أنها منتظمة النسق، مطّردة السياق، واضحة الغرض، قويّة الأسلوب، متماسكة في أوّلها وآخرها وفي ثناياها، يجول فيها معنى واحد، تلتقي عليه الآيات والأمثال والقصص والوعد والوعيد والتذكير والبيان. ولذلك يقول الله عز وجل في آية من آياتها:

وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (٥٤) .