للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ، أي:

قوّيناها بالصبر على هجر الأوطان والنعيم، والفرار بالدّين إلى بعض الغيران «١» ، وجسّرناهم على القيام بكلمة الحق والتظاهر بالإسلام.

أقول: والربط على القلوب، كناية جميلة عن تقويتها بالصبر والجلد على الصعاب.

٤- وقال تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ [الآية ١٧] .

قوله تعالى: تَتَزاوَرُ أي: تتمايل، والأصل تتزاور.

وقرئ: تزورّ وتزوارّ بوزن تحمر وتحمارّ، وكلّها من الزّور وهو الميل، ومنه زاره إذا مال إليه.

وهذا يدلنا على أن «الزيارة» من الزّور، وهو الميل الحسّي الذي تحوّل إلى زيارة، وذهاب فيهما ميل جسدي، وآخر معنويّ عاطفيّ.

٥- وقال تعالى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ [الآية ١٨] . انظر: [آل عمران: ٩] . ٦- وقال تعالى: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ [الآية ١٩] .

«الورق» : الفضّة مضروبة كانت أو غير مضروبة، وقرئ بسكون الراء والواو مكسورة أو مفتوحة، وكذلك الرّقة، وقالوا: إنها الدراهم.

أقول: وهذا من الكلم القديم الذي بقي في النصوص القديمة.

٧- وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [الآية ٢١] .

أي: وكذلك أعثرنا عليهم (أي:

أهل الكهف) أهل المدينة.

و «أعثر» في الآية فعل متعد، حذف مفعوله، تقديره: أهل المدينة.

وقد جاء هذا الفعل في الآية: ١٠٧ من المائدة، ببناء الثلاثي وهو قوله تعالى: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما.

أقول: وعلى هذا، يكون استعمال المعاصرين صحيحا حين يقولون:

عثرنا على هذه المسألة، مثلا.


(١) . الغيران، جمع الغار.