وقال سبحانه أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ [الآية ٢٦] أي: ما أبصره وأسمعه، كما تقول: «أكرم به» أي: ما أكرمه. وذلك أن العرب تقول: «يا أمة الله أكرم بزيد» فهذا معنى ما أكرمه، ولو كان يأمرها أن تفعل، لقال «أكرمي زيدا» .
وقال تعالى: ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ [الآية ٢٢] أي: ما يعلمهم من الناس إلّا قليل. والقليل يعلمونهم.
وقال سبحانه: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ [الآية ٢٩] أي: قل هو الحقّ.
وقوله من الآية نفسها: وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (٢٩) أي: وساءت الدار مرتفقا.
وقال تعالى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ [الآية ٣٢] ثم قال في الآية نفسها:
وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ [الآية ٣٤] وإنّما ذكر الرّجلين في المعنى وكان لأحدهما ثمر، فأجزأ ذلك من هذا «١» .
وقال تعالى كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها [الآية ٣٣] بجعل الفعل واحدا، على اللفظ، لا على المعنى.
وقال تعالى وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا [الآية ٥٩] يعني:
أهلها كما قال وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] أجري اللفظ على القوم وأجري اللفظ في «القرية» عليها، الى قوله تعالى الَّتِي كُنَّا فِيها [يوسف:
٨٢] وقال سبحانه أَهْلَكْناهُمْ [الآية ٥٩] ولم يقل «أهلكناها» حمله على القوم، كما قال «وجاءت تميم» وجعل الفعل ل «بني تميم» ولم يجعله ل «تميم» ولو فعل ذلك لقال: «جاء تميم» وهذا لا يحسن في نحو هذا، لأنه قد أراد غير تميم في نحو هذا الموضوع، فجعله اسما، ولم يحتمل إذا اعتل ان يحذف ما قبله كله، يعني التاء من «جاءت» مع «بني» وترك الفعل على ما كان، ليدل على أنه قد حذف شيئا قبل «تميم» .
وقال لا أَبْرَحُ [الآية ٦٠] أي: لا أزال. قال الشاعر [من الطويل وهو الشاهد الخامس والأربعون بعد المائتين] :
وما برحوا حتّى تهادت نساؤهم ... ببطحاء ذي قار عياب اللّطائم
(١) . نقله في إعراب القرآن ٢: ٦٠٦.