للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابعة، وهي بقدر كرة الأرض مائة وستين مرة، وقيل مائة وخمسين، وقيل مائة وعشرين، فكيف تسعها عين في الأرض، حتى أخبر الله تعالى عن ذي القرنين، أنه وجدها تغرب في عين حمئة؟

قلنا: المراد بقوله تعالى وجدها: أي في زعمه وظنّه كما يرى راكب البحر إذا لجّج فيه، وغابت عنه الأطراف والسواحل، أن الشمس تطلع من البحر، وتغرب فيه فذو القرنين انتهى إلى آخر البنيان في جهة المغرب فوجد عينا حمئة واسعة، عظيمة فظنّ أنّ الشمس تغرب فيها.

فإن قيل: ذو القرنين كان نبيّا أو تقيّا حكيما على اختلاف القولين، فكيف خفي عليه هذا، حتى وقع في الظنّ المستحيل الذي لا يقبله العقل؟

قلنا: الأنبياء والأولياء والحكماء ليسوا معصومين عن ظنّ الغلط أو الخطأ، وإن كانوا معصومين عن الكبائر. ألا ترى إلى ظن موسى (ع) فيما أنكره على الخضر (ع) في القضايا الثلاث وظنّه أنه يرى الله تعالى في الدنيا وهو من كبار الأنبياء، وكذلك يونس (ع) على ما أخبر الله تعالى عنه، بقوله: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء:

٨٧] وكان الواقع بخلاف ظنّه. الثاني:

أن الله تعالى قادر على تصغير جرم الشمس، وتوسيع العين الحمئة وكرة الأرض، بحيث تسع عين الماء عين الشمس فلم لا يجوز أن يكون قد وقع ذلك ولم نعلم به لقصور علمنا عن الإحاطة بذلك؟

فإن قيل: قوله تعالى: قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦) يدل على أنه كان نبيّا، لأن الله تعالى خاطبه.

قلنا: من قال إنه ليس نبيّا يقول هذا الخطاب له كان بواسطة النبيّ الموجود في زمانه، كما في قوله تعالى يا بَنِي إِسْرائِيلَ وما أشبه.

فإن قيل: لم قال الله تعالى في حقّ الكفّار: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥) أي فلا ننصب لهم ميزانا، لأنّ الميزان إنّما ينصب لتوزن به الحسنات بمقابلة السيّئات، والكافر لا حسنة له، ولا طاعة، لقوله تعالى:

وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ