بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ وتأويل لقائه هاهنا على وجهين: أحدهما أن يكون فيه مضاف محذوف. فكأنه تعالى قال:
ولقاء ثوابه وعقابه، أو جنّته وناره.
والوجه الاخر أن يكون معنى ذلك رجوعهم إلى دار لا أمر فيها لغير الله سبحانه. فيصيرون إليها، من غير أن يكون لهم عنها محيص، أو دونها محيد. وذلك مأخوذ من مقابلتك الشيء من غير أن تصرف عنه وجهك يمينا ولا شمالا. يقول القائل: لقيت فلانا. أي قابلته بجملتي. وتقول: داري تلقاء دار فلان. أي مقابلتها. فكانت كل واحدة منهما كالمقبلة على الأخرى. فلمّا كان لا أحد يوم القيامة يستطيع انصرافا عن الوجهة التي أمر الله سبحانه بجمع الناس إليها، وحشرهم نحوها، سمّي ذلك لقاء الله سبحانه على السّعة والمجاز.
والاستعارة الأخرى قوله سبحانه:
فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥) والمراد بذلك- والله أعلم- أنّا لا نجد لهم أعمالا صالحة تثقل بها موازينهم يوم القيامة. والميزان إذا كان ثقيلا سمّي مستقيما، وقائما. وإذا كان خفيفا سمّي عادلا، ومائلا.
وقد يجوز أن يكون معنى ذلك أنهم لا اعتداد بهم، ولا نباهة لذكرهم في يوم القيامة. كما يقال في التحقير للشيء: هذا لا وزن له ولا قيمة.
وكما تقول: فلان عندي بالميزان الراجح، إذا كان كريما عليك، أو حبيبا إليك.