فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) فذكر سبحانه، أنّه خلف من بعد هؤلاء الرسل خلف انحرفوا عن سننهم فأضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات، وأنّهم سوف يلقون جزاء غيهم، واستثنى من ثاب منهم وآمن بالنبي (ص) ووعدهم بأنهم يدخلون الجنة إلخ ثم ذكر جلّ جلاله أنهم لا يتنزّلون فيها إلّا بأمره، لأنه مالك كلّ شيء ممّا بين أيديهم وما خلفهم وما بين ذلك، وما كان لينسى إحسان المحسن وإساءة المسيء فلا يجازيهما عليهما ثم ذكر بمناسبة هذا إنكارهم للمعاد الذي يكون فيه الثواب والعقاب، لاستبعادهم إحياء الإنسان بعد موته. وأجابهم بأنه خلق الإنسان من قبل موته ولم يك شيئا، فهو قادر على إعادته بعد موته من باب أولى ثم أقسم ليحشرنّهم والشياطين، وليحضرنّهم حول جهنّم باركين على ركبهم ولينزعنّ من بينهم من كان منهم أشدّ تمرّدا، ليذيقه عذابا أعظم من غيره، وهو أعلم بمن هو أولى بذلك من غيره، ولا بدّ من ورودهم لها جميعا على تفاوت عذابهم فيها ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢) . ثم ذكر السبب في عدم إيمانهم بذلك، وهو اغترارهم بدنياهم، فذكر سبحانه أنهم إذا تتلى عليهم آياته في ذلك واضحات، ذكروا أنهم أحسن حالا من المؤمنين، ولو كانوا على الباطل لكانوا أسوأ حالا منهم ورد عليهم بأنه كم أهلك من قبلهم من قوم كانوا أحسن حالا منهم، وبأنه إنّما ينعم عليهم بذلك ليمدّ لهم في الضلالة ويقطع عنهم العذر، حتى إذا رأوا ما يوعدون في الدنيا أو الاخرة علموا أنهم شرّ مكانا وأضعف جندا وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦) .
ثم خصّ شخصا منهم بلغ به الغرور مبلغه حتى قال استهزاء: لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً (٧٧) في المعاد كما أوتيت ذلك في الدنيا، وردّ عليه بأنه لم يطّلع على الغيب، ولم يتّخذ عنده بذلك عهدا ثم أوعده بأنه سيكتب ما قاله ويرث ماله وولده، حتى يأتيه يوم القيامة فردا.
ثم ذكر أنهم يعتمدون في ذلك على أنّ آلهتهم ستشفع لهم يوم القيامة، وردّ عليهم بأنهم سيكافرون فيه بعبادتهم