فإن قيل: ما معنى انفطار السماوات، وانشقاق الأرض، وخرور الجبال، من دعوتهم الولد لله تعالى ومن أين تؤثّر هذه الكلمة في الجمادات؟
قلنا: معناه أنّ الله تعالى يقول، كدت أفعل هذا بالسماوات والأرض والجبال، عند وجود هذه الكلمة غضبا على قائلها، لولا حلمي وإمهالي، وأن لا أعجّل العقوبة، كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا [فاطر: ٤١] يعني أن تخر على المشركين وتنشقّ الأرض بهم، ويدلّ على هذا، قوله تعالى في آخر الآية إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤١)[فاطر] . الثاني: أن يكون استعظاما لقبح هذه الكلمة، وتصويرا لأثرها في الدّين، من حيث هدم أركانه وقواعده وأن مثال ذلك الأثر في المحسوسات، أن يصيب هذه الأجسام العظيمة التي هي قوام العالم، ما تنفطر منه، وتنشق، وتخرّ.
فإن قيل: لم قال تعالى، هنا في صفة الشرك: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) . وهذا يدل على قوّة كلمة الشرك وشدّتها، وقال تعالى في سورة إبراهيم، صلوات الله عليه في صفة كلمة الشرك وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦)[ابراهيم] والمراد بالكلمة الخبيثة كلمة الشرك، كذا قاله ابن عبّاس رضي الله عنهما وبالشجرة الخبيثة شجرة الحنظل، كذا قاله رسول الله (ص) وهذا يدل على ضعف كلمة الشرك وتلاشيها واضمحلالها، فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا: وصفت كلمة الشرك في سورة إبراهيم (ع) بالضّعف، وهنا بالقبح، فهي في غاية الضّعف وفي غاية القبح والفظاعة، فلا تنافي بينهما.
فإن قيل: لم قال تعالى لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) والإحصاء العدّ على ما نقله الجوهري، أو الحصر على ما نقله بعض أئمة التفسير، كما سبق ذكره في سورة إبراهيم، صلوات الله عليه، في قوله تعالى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها [ابراهيم: ٣٤] فإن كان الإحصاء العدّ فهو تكرار، وإن كان الحصر، فذكره مغن عن ذكر العدّ