للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الطريق أدركته عناية الله ومنّ الله عليه بالرسالة والعناية. وناداه:

إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) .

وهذا الوحي يتعلّق بثلاثة أمور مترابطة: الاعتقاد بالوحدانيّة والتوجّه بالعبادة والإيمان بالسّاعة وهي أسس رسالة الله الواحدة. ومن نداء الله لموسى:

إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) .

وخص الله موسى بمعجزات ظاهرة، وآيات باهرة. أمره أن يلقي عصاه فألقاها، فإذا هي حية تسعى ثم نمّت وعظمت حتّى غدت في جلادة الثّعبان، وضخامة الجانّ. لمحها موسى، فاشتد خوفه، فناداه الله:

قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١) ثم أدخل موسى يده تحت إبطه، فخرجت بيضاء بياضا يغلب نور الشمس، ليس فيها بهاق «١» أو برص «٢» أو مرض وتمّت لموسى معجزتان هما اليد والعصا، فرأى آيات الله الكبرى. واطمأنّ للنهوض بالتّبعة العظمى.

أمر الله موسى، أن يذهب إلى فرعون رسولا وداعيا إلى الهدى، ومبشّرا بالجنة، لمن أطاع الله، وبالنار لمن عصاه.

فطلب موسى من ربه أن يشرح له صدره، وأن ييسّر له أمره، وأن يحلّ حبسة في لسانه ليفقه الناس قوله، وأن يمنّ الله عليه بمعين من أهله، هو أخوه هارون.

واستجاب الله دعاء موسى وحباه بفضل زائد، وذكّره بإفضاله عليه صغيرا وناشئا، حيث نجّاه عند ما قتل قتيلا خطأ، وألقى عليه المحبّة، وربّاه برعايته، وصنعه بعين عنايته. قال سبحانه:

وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (٣٩) .


(١) . البهاق: مرض يذهب بلون الجلد، فتقع فيه بقع بيض.
(٢) . البرص: بياض يقع في الجسد، لعلّة.