إبليس، وعاقبة من يتذكّرون عهد الله ومن يعرضون عنه من ولد آدم. وترسم الآيات هذه العاقبة في مشهد من مشاهد القيامة، كأنّما هو نهاية الرحلة التي بدأت في الملأ الأعلى، ثم تنتهي إلى هناك مرّة أخرى ... وفي ختام السورة تسلية للرسول (ص) عن إعراض المعرضين وتكذيب المكذّبين فلا يشقى بهم، فلهم أجل معلوم. ولا يحفل بما أوتوه من متاع في الحياة الدنيا فهو فتنة لهم، وينصرف إلى عبادة الله وذكره فترضى نفسه وتطمئنّ، ولقد هلكت القرون من قبلهم، وشاء الله سبحانه أن يعذر إليهم بالرسول الأخير، ليعلن إليهم: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥) .
وبذلك تختم السورة التي حددت وظيفة القرآن في بدايتها:
إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (٣) .
وأكّدت هذه الوظيفة في نهايتها، فهي التذكرة الأخيرة لمن تنفعه التذكرة وليس بعد البلاغ إلّا انتظار العاقبة، والعاقبة بيد الله.
وقد كانت قصة موسى ونهاية فرعون، خلال السورة، تحقيقا لهذا المعنى وتأكيدا لفوز المؤمنين ومصرع المكذّبين وبذلك يتناسق المطلع والختام، وتكون السورة أشبه بموضوع، له مقدّمة، ثمّ قصّة تؤيّد المقدّمة، ثم خاتمة تؤكّد الموضوع.