للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: «يفي ويبرّ» . وكذلك هي عندهم ها هنا، وإنّما هي بمنزلة «كل اللحم أو التمر» إذا رخّصت له في هذا النحو. فلو أكل كلّه أو واحدا منه لم يعص. فيقع النهي عن كل ذا في هذا المعنى، فيكون إن أكل الكل أو واحدا (قد) عصى. كما كان في الأمر إن صنع واحدا أطاع. وقال وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) [الصافات] ومعناه «ويزيدون» ، ومخرجها في العربية أنك تقول: «لا تجالس زيدا أو عمرا أو خالدا» فإن أتى واحدا منهم أو كلّهم، كان عاصيا. كما أنّك إذا قلت:

«اجلس الى فلان أو فلان أو فلان «فجلس الى واحد منهم أو كلّهم كان مطيعا. فهذا مخرجه من العربية. وأرى الذين قالوا: «إنّما» أو «بمنزلة الواو» إنّما قالوها رأوها في معناها. وأما وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فإنما يقول وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ عند الناس» ، ثم قال أَوْ يَزِيدُونَ «١» عند الناس» لأنّ الله تبارك وتعالى لا يكون منه شكّ. وقد قال قوم إنّما «أو» ها هنا بمنزلة «بل» «٢» وقد يقول الرجل: «لأذهبنّ إلى كذا وكذا» ثم يبدو له بعد، فيقول «أو أقعد» فقال ها هنا وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ عند الناس «ثم قال أَوْ يَزِيدُونَ عند الناس» أي أن الناس لا يشكّون أنهم قد زادوا. والوجه الاخر هكذا، أي «فكذا حال الناس فيهم» أي: أن الناس يشكون فيهم. وكذا حال «أم» المنقطعة، ان شئت جعلتها على «بل» ، فهو مذهب حسن. وقال متمّم بن نويرة «٣» [من الوافر وهو الشاهد السابع عشر] :

فلو كان البكاء يردّ شيئا ... بكيت على جبير أو عفاق «٤»

على المرأين إذ هلكا جميعا ... بشأنهما وحزن واشتياق «٥»


(١) . نقله في الجامع ١٥: ١٣٢ وأشرك معه الزجّاج.
(٢) . هو رأي الكوفيين بلا شرط (المغني ١: ٦٤) «أو» الإنصاف (٢: ٢٥٤ م ٦٧) وسيبويه بشرط تقدم نفي أو نهي، وإعادة العامل المصدر الاول.
(٣) . ترجمته في الأغاني (بولاق ١٤: ٦٦) ، والشعر والشعراء ١: ٢٥٤، ومعجم الشعراء ٤٣٢، وخزانة الأدب ١:
٢٣٤.
(٤) . رواية (مالك ومتمّم) ب «بجير» ١٢٤.
(٥) . رواية (مالك ومتمّم) ب «لشأنهما بشجو» ١٢٤.