وتناجوا بالطّعن فيمن ينذرهم ويعظهم هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٣) وهدّدهم بأنه سبحانه يعلم القول في السماء والأرض، فلا يخفى عليه ما يتناجون به ثم ذكر أنهم عدلوا عن رمي القرآن بأنه سحر، وقالوا إنّه أضغاث أحلام، بل افتراه، بل هو شاعر، وأنهم طلبوا أن يأتيهم الرسول (ص) بآية مثل آيات الأنبياء الأولين، وأجاب عن هذا بأنه ما آمنت قبلهم من قرية أهلكها بتلك الآيات، فلا يؤمنون مثلهم إذا أجيبوا إلى طلبهم ثم أجاب عن اعتراضهم الأوّل، بأنّه جلّ جلاله، لم يرسل قبل الرسول (ص) إلّا رجالا من البشر، وبأنه لم يجعلهم ذوي جسد لا يأكلون الطّعام ولا يموتون، بل كانوا كغيرهم من بني الإنسان ثم ذكر أنّه صدقهم ما أنذروا به، فأنجاهم ومن شاء ممّن آمن بهم، وأهلك المسرفين وأنّه أنزل إليهم كتابا فيه ذكر وموعظة لهم، فهو خير ممّا يقترحونه من تلك الآيات ثم ذكر سبحانه أنه كم أهلك من تلك القرى التي أسرفت في تكذيب رسلها، وأنهم كانوا إذا أحسوا العذاب، يركضون منها، فيقال لهم لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه، لتسألوا عن أعمالكم، فيقولون يا ويلنا ويعترفون بظلمهم، ويأخذهم الله بعذابه، وهم يشهدون على أنفسهم.
ثم ذكر تعالى أنّه عاقبهم بذلك عدلا لا ظلما، لأنّه لم يخلق السماء والأرض وما بينهما عبثا، بل خلق من فيهما ليطيعوه ويدينوا بتوحيده، فإذا اتّبعوا الباطل قذف بالحق عليه فيدمغه ويبطله ثم ذكر أن كلّ من في السماوات والأرض مملوك له، وأنّ من عنده من الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، فإذا خرج هؤلاء الكفّار عن طاعته، أحلّ عليهم نقمته.
ثم ذكر أنّ من باطلهم، أنهم اتّخذوا آلهة من الأرض وأبطله، بأنّه لو كان في السماء والأرض آلهة إلا الله لفسدتا، إلى غير هذا مما ذكره في إبطال تعدّد الالهة ثم ذكر، أنّ من باطلهم، أنهم قالوا إنّ الملائكة بنات الله وأبطله، بأنّهم عباد خاضعون له كغيرهم، ولو كانوا بنات له لكانوا آلهة مثله، إلى غير هذا ممّا ذكره في إبطال أنهم بنات له ثم ذكر لهم، من الأدلّة على وحدانيّته، أنّ السماوات والأرض