للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«طحوت» و «تلوت» . فإذا كانت رابعة فصاعدا أمالوا، وكانت الإمالة هي الوجه، لأنّها حينئذ قد انقلبت الى الياء. ألا ترى أنك تقول «غزوت» و «أغزيت» ومثل ذلك وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) [الشمس] «١» وقَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) [الأعلى] «٢» ووَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) [الليل] «٣» أمالها لأنّها رابعة، و «تجلّى» فعلت منها بالواو، لأنها من «جلوت» و «زكا» من «زكوت يزكو» ووَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) [الشمس] «٤» من «الغشاوة» .

وقد يميل ما كان منه بالواو نحو (تلاها) و (طحاها) ناس كثير «٥» ، لأنّ الواو تنقلب الى الياء كثيرا، مثل قولهم في (حور) (حير) وفي «مشوب» «مشيب» وقالوا «أرض مسنيّة» إذا كان يسنوها المطر. فأمالوها الى الياء، لأنّها تنقلب إليها.

وأمالوا كلّ ما كان نحو «فعلى» و «فعلى» نحو «بشرى» و «مرضى» و «سكرى» ، لان هذا لو ثنّي كان بالياء فمالوا إليها.

وأمّا قوله تعالى بِما كانُوا يَكْذِبُونَ [الآية ١٠] ، وبها نقرأ. فيعني «يكذبون على الله وعلى الرسل» . جعل السياق «ما» والفعل اسما للمصدر، كما جعل «أن» والفعل اسما للمصدر في قوله «أحبّ أن تأتيني» ، وأمّا المعنى فإنّما هو «بكذبهم» و «تكذيبهم» . وأدخلت «كان» ، لتخبر أنه كان فيما مضى، كما تقول: «ما أحسن ما كان عبد الله» فأنت تتعجّب من عبد الله لا من «كونه» . وإنّما وقع التعجّب في اللفظ على كونه وبعضهم «٦» قرأ: (بما


(١) . الكشف ١: ١٨١، و ٢: ٣٧٨ و ٣٨٢، والتيسير كالسابق.
(٢) . حجة ابن خالويه ٣٤٠، والتيسير ٢٢١.
(٣) . السبعة ٦٨٨ و ٦٨٩، والكشف كالسابق، والتيسير ٢٢٤.
(٤) . الكشف ١: ١٨١، و ٢: ٣٧٨ و ٣٨٢، والتيسير ٢٢٣.
(٥) . لم نجد ما يدلّ على القبائل التي تقولها، ولكن عزي إلى قريش ومن جاورها من كنانة، إيثار الياء في الفعل المبني للمجهول من الأجوف الواوي، البحر ١: ٦١.
(٦) . الذي عليه رسم المصحف تخفيف الذال وهي القراءة المنسوبة في تفسير الطبري ١: ٢٨٤ إلى أعظم قراء اهل الكوفة، وفي السبعة ١٤١ إلى عاصم وحمزة والكسائي، وفي حجّة الفارسي ٢٤٧، كذلك وفي الجامع ١: ١٩٨، كذلك وفي الكشف ١: ٢٢٧، والتسير ٧٢، أما في حجّة ابن خالويه ٤٥، فبلا نسبة. أمّا «يكذبون» بالتضعيف فهي في تفسير الطبري ١: ٢٨٤ قراءة أعظم قراء أهل المدينة والحجاز والبصرة وفي السبعة ١٤١ قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر، وفي حجّة الفارسي ٢٤٧ كذلك، وفي البحر ١: ٦٠ قراءة الحرميين والعربيين. وفي الكشف ١: ٢٢٧ والتيسير ٧٢ قراءة غير الكوفيين، وفي حجّة ابن خالويه ٤٥ فبلا نسبة