فعيلا أنه نفّاع بظهوره وجريه، من الماعون، وهو المنفعة. وأرى: أن «معين» من «العين» ، والميم زائدة على نحو المبيع والمدين وغيرهما، وذلك لأن دلالة «العين» على الماء معروفة، فالعين عين الماء في إحدى دلالاتها الكثيرة، ومنها قالوا: عانت البئر عينا، أي: كدر ماؤها.
وعان الماء والدمع يعين عينا وعينانا: جرى وسال.
١٢- وقال تعالى: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤) .
و «الغمرة» : الماء الذي يغمر القامة فضربت مثلا، لما هم مغمورون فيه من جهلهم وعمايتهم.
أقول: والغمر: الماء الكثير.
والغمرة أيضا: الشدّة، وغمرات الهمّ والموت أي شدّتهما.
والمغمور من الرجال: الذي ليس بمشهور.
والغامر من الأرض خلاف العامر.
وهكذا يذهب المعنى في مادة «غمر» .
١٣- وقال تعالى: فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) . أي: تدبرون، وتستأخرون، وترجعون القهقرى مكذّبين.
أقول: وهذه الآية أورثت العربية قول القائل: فلان نكص على عقبيه، بهذا المعنى، والعبارة ما زالت جارية في عربية العصر.
١٤- وقال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ [الآية ٧٠] .
الجنّة: الجنون وهو المصدر.
وتأتي «الجنّة» بمعنى «الجنون» في آيات أخرى منها:
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ [الأعراف: ١٨٤] .
كما تأتي بمعنى «الجن» كقوله تعالى:
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩) [هود] .
وقوله سبحانه: الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦) [الناس] .
أقول: الجنّ أصل المادة اللغوية، والجنّ عالم خفيّ، جاء ذكره وشيء من أمره في آيات كثيرة وعلى رأس الجنّ إبليس اللعين الذي يغوي الناس، كما جاء في التنزيل العزيز.