للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«يستحي» بياء واحدة «١» ، والأولى هي الأصل، لأنّ ما كان من موضع لامه معتلا، لم يعلّوا عينه. ألا ترى أنّهم قالوا: «حييت» و «جويت» فلم تعلّ العين. ويقولون: «قلت» و «بعت» فيعلّون العين، لمّا لم تعتلّ اللام، وإنّما حذفوا لكثرة استعمالهم هذه الكلمة، كما قالوا «لم يك» و «لم يكن» و «لا أدر» و «لا أدري» .

وقال تعالى مَثَلًا ما بَعُوضَةً [الآية ٢٦] «٢» لأن «ما» زائدة في الكلام، وإنّما هو «إنّ الله لا يستحيي أن يضرب بعوضة مثلا» . وناس من بني تميم يقولون (مثلا مّا بعوضة) «٣» يجعلون (ما) بمنزلة «الذي» ويضمرون «هو» كأنهم قالوا: «لا يستحيي أن يضرب مثلا، الذي هو بعوضة» يقول: «لا يستحي أن يضرب الذي هو بعوضة، مثلا» .

وقوله تعالى فَما فَوْقَها [الآية ٢٦] قال بعضهم: «أعظم منها» وقال بعضهم: كما تقول: «فلان صغير» فيقول: «وفوق ذلك» يريد: «أصغر من ذلك» .

وقوله تعالى ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا [الآية ٢٦] فيكون «ذا» بمنزلة «الذي» . ويكون «ماذا» اسما واحدا، إن شئت بمنزلة «ما» ، كما قال تعالى:

ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً [النحل: ٣٠] فلو كانت «ذا» بمنزلة «الذي» ، لقالوا «خير» ، ولكان الرفع وجه الكلام. وقد يجوز فيه النصب، لأنّه لو قال: «ما الذي قلت» ، فقلت «خيرا» أي: «قلت خيرا» ، لجاز. ولو قلت: «ما قلت» :


(١) . في الشواذ ٤ قراءة ابن محيصن وابن كثير، بخلاف وفي الجامع ١: ٢٤٢ أضاف أنّها لغة تميم وبكر بن وائل، ولم يذكر الخلاف. وفي البحر ١: ١٢١ قراءة ابن كثير في رواية شبل وابن محيصن ويعقوب، وهي لغة بن تميم، وفي الكشاف ١: ١١٤ اقتصر على قراءة ابن كثير في رواية شبل، وذكر اللغتين ولم ينسبهما. وفي الإملاء ١: ٢٦ عدّها شذوذا ولم ينسبها. وانظر اللهجات العربية ١٥١ و ٥٤٥، والقراآت واللهجات ٣٧، ولهجة تميم ٥٦. وفي الصحاح «حيا» نقلت عبارة الأخفش بنصّها تقريبا.
(٢) . في معاني القرآن ١: ٢١ و ٢٢ لم تنسب قراءة، وكذلك المشكل ٢٤، وفي البحر ١: ٢٢ قراءة الجمهور.
(٣) . في معاني القرآن ١: ٢٢، علّل الرفع ولم ينسبه قراءة وفي المجاز ١: ٣٥ أنّها قراءة رؤبة وأنّها لغة تميمية، وفي الشواذ ٤ نسب الرفع قراءة إلى رؤبة بن العجاج، وفي المحتسب ١: ٦٤ كذلك. وفي المشكل ٢٤، لم ينسب قراءة، وفي الجامع ١: ٢٤٣ نسب قراءة إلى الضّحّاك وابراهيم بن أبي عبلة ورؤبة، وقال إنها لغة تميم، وفي البحر ١: ١٢٣ أضيف قطرب أيضا. وفي الكشاف ١: ١١٥ إلى رؤبة قراءة وفي الإملاء ١: ٢٦ عدّت شذوذا بلا عزو.