وهذه استعارة والمراد بها، أنّ الصلاة لطف في الامتناع عن المعاصي، فأقيمت مقام الزاجر الناهي، لأن فيها من ذكر الله تعالى، وتلاوة كلامه، وما فيه من بشائر ثوابه، ونذائر عقابه، ما هو أدعى الدواعي إلى الطاعات، وأقوى الصوارف عن المقبّحات.
وهذه استعارة والحيوان هاهنا مصدر كالحياة والدار التي هي دار الاخرة، لا يجوز وصفها على الحقيقة بأنها حياة وإنما المراد أن الخلق يحيون فيها حياة دائمة، لا موت بعدها ولا انفصال لها فلما كانت الحياة الدائمة فيها، حسن أن توصف بها على طريق المبالغة، لأن الصفات بالمصادر تفيد المبالغة في معاني تلك الأشياء الموصوفة.
وهي في معنى الاستعارة التي تقدّمتها على حدّ سواء، لأنّ الحرم لا يصح وصفه بالأمن على الحقيقة، وإنما يأمن الناس فيه فلاتصال هذه الحال ودوامها، واختصاص الحرم بين المواضع بها، حسن أن يوصف بالأمن على طريق المبالغة، ولذلك نظائر كثيرة في القرآن الكريم..