المعنى إلى ما ذكرناه، والمراد به أنه مستقيم بغير اعوجاج، ومنتصب بغير اضطراب، وقوله تعالى من بعد:
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) قريب في المعنى ممّا تقدم، لأنّ المراد بذلك لا يخلو من أحد الأمرين: إمّا أن يكون أراد تعالى بإقامة الصلاة القيام لأوقاتها، لأنّ القيام من أعظم أركان الصلاة وإمّا أن يكون أراد تأديتها على واجبها وإخلاصها من كلّ ما يعود بفسادها، وذلك كقولهم:
أقام فلان قناة الدّين أي أظهر أمره، ووالى نصره، ورمى الأعداء عنه، ووقم «١» الأضداد دونه، وجميع هذه الألفاظ المذكورة نظائر، وهي بأجمعها استعارات لا حقائق، وإنّما أوردناها في نسق واحد، لاتّفاق ورودها في سورة واحدة.
وهذه استعارة، لأن الدّين على الحقيقة لا يتأتّى فيه التفريق وإنّما المراد، والله أعلم، أنّهم لمّا افترقوا في دينهم بمذاهب مختلفة وطرائق متباينة، كانوا كأنّهم قد فرّقوه فرقا، وجعلوه شيعا، فحسن وصفهم بذلك.
وهذه استعارة. والمراد بالسلطان هاهنا البرهان على أحد التأويلين وهو الحقّ الّذي يتسلّط به الإنسان على مخالفه، ويظهر على منازعه، وإنّما وصفه سبحانه بالكلام، لظهور حجّته وقوّة دعوته، فكأنه ناطق ومدافع مناضل.