المنزّلة وإنما هو تقليد لآبائهم من غير اعتماد على دليل.
ثمّ نهى النبي (ص) أن يحزن لهذا الكفر الصادر عن عناد وجهل، وأخبره بأنه سيرجعهم إليه بعد أن يمتّعهم قليلا، ثم يضطرّهم إلى عذاب غليظ، ثمّ أثبت له عنادهم وجهلهم في كفرهم بأنه إن سألهم من خلق السماوات والأرض فإنهم يعترفون بأن الّذي خلقهما هو الله، ولكنّهم جهلاء معاندون فلا يحملهم ذلك على الإقلاع عن شركهم ثم ذكر أنّ له سبحانه ما.
في السماوات والأرض فلا يقتصر أمره على خلقهما، وأنّ ملكه لا يقتصر على ذلك وحده لتناهيه، بل إن في قدرته وعلمه عجائب لا نهاية لها: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ [الآية ٢٧] ، أي عجائبه، وما خلقنا وبعثنا إلّا كخلق نفس واحدة وبعثها، فالقليل والكثير سواء في قدرته. ثمّ ذكر من عجائب قدرته وعلمه أنّه يولج النّهار في اللّيل، وأنّه سخّر الشمس والقمر كلّ يجري إلى أجل مسمّى، وأنّه سخّر الفلك تجرى في البحر بنعمته ليريهم ما في البحر من عجائبه وأهواله، فإذا غشيهم موجه كالظلّ دعوا الله ليخلّصهم منه، فإذا نجّاهم إلى البرّ رجعوا الى ما كانوا عليه من كفر، فمنهم من يقتصد فيه بتأثير ما شاهده، ومنهم من يجحد ما شاهده من العجائب لمبالغة في الكفر.
ثمّ ختم السورة بأمرهم بتقواه كما جاءت به الحكمة المنزلة والحكمة المأثورة، وبأن يخشوا يوم الاخرة الّذي لا ينفع الإنسان فيه إلّا عمله، وأخبرهم بأن وعده حق، فلا يغرّنّهم بالله الغرور إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤) .