للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأشفقت كلّ الإشفاق منها. إلّا أنّ هذا الكلام خرج مخرج الواقع، لأنّه أبلغ من المقدّر. وقال بعضهم: عرض الشيء على الشيء ومعارضته سواء.

والمعارضة، والمقابلة، والمقايسة، والموازنة، بمعنى واحد. فأخبر الله سبحانه عن عظم أمر الأمانة وثقلها، وأنّها إذا قيست بالسماوات والأرض والجبال، ووزنت بها، لرجحت عليها. ولم تطق حملها، ضعفا عنها.

وذلك معنى قوله تعالى: فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها ومن كلامهم:

فلان يأبى الضّيم، إذا كان لا يحتمله.

فالإباء هاهنا هو ألّا يقام بحمل الشيء.

والإشفاق في هذا الموضع هو الضّعف عن الشيء، ولذلك كنّي به عن الخوف الّذي هو ضعف القلب. فقالوا: فلان مشفق من كذا. أي خائف منه. ومعنى قوله سبحانه: فالسماوات والأرض والجبال لم تحمل الأمانة ضعفا عنها، وحملها الإنسان، أي تقلّدها وقارف المأثم فيها، للمعروف من كثرة جهله، وظلمه لنفسه.