فإن قيل: لم قال تعالى في صفة أهل الجنة: هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ [الآية ٥٦] والظلّ إنّما يكون حيث تكون الشمس، ولهذا لا يقال لما في الليل ظلّ، والجنّة لا يكون فيها شمس، لقوله تعالى: لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣)[الإنسان] ؟
قلنا: ظل أشجار الجنة من نور العرش، لئلّا تبهر أبصار أهل الجنة، فإنه أعظم من نور الشمس، وقيل من نور قناديل العرش.
فإن قيل: لم سمّى سبحانه وتعالى، نطق اليد كلاما، ونطق الرجل شهادة، في قوله سبحانه: وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ [الآية ٦٥] ؟
قلنا: لأن اليد كانت مباشرة، والرّجل حاضرة، وقول الحاضر على غيره شهادة، وقول الفاعل على نفسه ليس بشهادة، بل إقرار بما فعل.
قلت: وفي الجواب نظر.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ [الآية ٦٩] مع أنه (ص) قد روي عنه ما هو شعر، وهو قوله (ص) :
أنا النّبيّ لا كذب أنا ابن عبد المطّلب وقوله (ص) :
هل أنت إلّا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت قلنا: هذا ليس بشعر، لأن الخليل لم يعدّ مشطور الرّجز شعرا، وقوله (ص)«هل أنت إلا إصبع دميت» من مشطور بحر الرجز، كيف وقد روي أنه (ص) قال: «دميت ولقيت» بفتح الياء وسكون التاء، وعلى هذا لا يكون شعرا، وإنّما الرّاوي حرّفه فصار شعرا الثاني أن حدّ الشعر قول موزون مقفّى مقصود به الشعر والقصد منتف فيما روي عنه (ص) ، فكان كما يتّفق وجوده في كلّ كلام منثور من الخطب والرسائل ومحاورات الناس، ولا يعدّه أحد شعرا.
فإن قيل: لم قال تعالى: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً [الآية ٧١] والله تعالى منزّه عن الجارحة؟
قلنا: هو كناية عن الانفراد بخلق الأنعام، والاستبداد به بغير شريك كما يقال في الحبّ وغيره من أعمال القلب، هذا ممّا عملته يداك ويقال لمن لا يد له يداك أو يديك، وكذا