للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي كتاب الله: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) [الشعراء] ووَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ [الأنعام: ٦] . قال الشاعر «١» [من الطويل وهو الشاهد السبعون] :

فما تركت قومي لقومك حيّة ... تقلّب في بحر ولا بلد قفر

وقال: جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ [آل عمران: ٨٦ و ١٠٥] ووَ قالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ [يوسف: ٣٠] . وقال الشاعر أشدّ من ذا وقد أخّر الفعل، قال [من المتقارب وهو الشاهد الثاني والثلاثون] :

فإمّا تري لمّتي بدّلت ... فإنّ الحوادث أودى بها

أراد «أودت بها» مثل فعل المرأة الواحدة، يجوز أن يذكّر، فذكر هذا.

وهذا التذكير في الموات أقبح، وهو في الإنس أحسن، وذلك أنّ كلّ جماعة من غير الانس، فهي مؤنثة تقول: «هي الحمير» ، ولا تقول «هم» . إلّا أنهم قد قالوا: «أولئك الحمير» ، وذلك أن «أولئك» قد تكون للمؤنث والمذكر تقول: «رأيت أولئك النساء» . قال الشاعر «٢» : [من الكامل وهو الشاهد الحادي والسبعون] :

ذمّي المنازل بعد منزلة اللّوى ... والعيش بعد أولئك الأيّام «٣»

وأمّا قوله تعالى وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [الآية ٤٩] ووَ إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ [الآية ٥٠] وأمكنة كثيرة، فإنّما هي على ما قبلها، إنّما يقول: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ [الآية ٤٧] و «اذكروا إذ نجّيناكم» و «اذكروا إذ فرقنا بكم البحر» و «اذكروا إذ قلتم يا موسى لن نصبر» «٤» وقال بعضهم «فرّقنا» «٥» .


(١) . في معجم شواهد العربية أنّ شاهدا ينتهي بهذه القافية للحطيئة، وليس في ديوانه. والموضع الذي عثر عليه فيه رمز له ب «صف» ، ولا يوجد في مسرد الرموز مرجع له هذا الرمز. ولكن في ديوان الأخطل ٢٢٠ بيت مقارب معنى، هو قوله من قصيدة يهجو بها ابن صفار المحاربي:
فما تركت حيّاتنا لك حية ... تقلّب في أرض براح ولا بحر
فلعلّه هو برواية أخرى.
(٢) . هو جرير بن عطية بن الخطفي.
(٣) . ديوانه ٥٥١ (الصاوي) وفيه ب «ذم» و «الأقوام» ، وفي الخزانة ٢: ٤٦٧ ب «ذم» أيضا، والمقاصد النحوية ١: ٤٠٨ كذلك.
(٤) . إشارة إلى الآية ٦١. [.....]
(٥) . في الشواذ ٥، والمحتسب ٨٢، والجامع ١: ٣٨٧، والبحر ١: ١٩٧ إلى الزهري.