ولا شبوب من الثيران أفرده عن كوره كثرة الإغراء والطّرد أي عن سربه الكثير.
فيجوز أن يكون معنى: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ على قول من يقول: طعنه فكوّره، يريد: فصرعه. أي يلقي الليل على النهار، ويلقي النهار على الليل.
ويكون المعنى على قول من يذهب إلى أن الكور اسم للكثرة، أي يكثر أجزاء الليل على أجزاء النهار، حتى يخفي ضوء النهار وتغلب ظلمة الليل.
ويكوّر النهار على الليل: أي يكثر أجزاء النهار، حتى تظهر وتنتشر وتتلاشى فيها أجزاء الليل وتضمحل.
وقوله سبحانه: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى [الآية ٤٢] وفي هذا الكلام استعارة خفيّة. وذلك أنّ قوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ ٢ مَوْتِها أي يقبضها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها منسوق تعبير. فظاهر الخطاب يقتضى أنه سبحانه يتوفّى الأنفس الّتي لم تمت في منامها أيضا.
ونحن نجد أمارة بقاء نفس النائم في جسده بأشياء كثيرة. منها ظهور التنفس والحركة وحذف لسانه بالكلمة بعد الكلمة، وغير ذلك مما يجري مجراه.
فيكون معنى توفّي النفس النائمة هاهنا اقتطاعها عن الأفعال التمييزية، والحركات الإرادية، كالعزوم «١» والقصود وترتيب القيام والقعود، إلى غير ذلك ممّا في معناه.
وقال بعضهم: الفرق بين قبض النوم وقبض الموت أن قبض النوم يضادّ اليقظة وقبض الموت يضادّ الحياة.
وقبض النوم تكون الروح معه في البدن، وقبض الموت تخرج الروح معه من البدن.
وقوله سبحانه: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) وهذه
(١) . جمع عزم وهو ما يعزم الإنسان عليه من قصد ونيّة.