بالنصر عليهم، كما نصر موسى وقومه على فرعون وهامان وقارون وذكر سبحانه أن الذي يحملهم على الجدال في آياته بغير دليل تكبّرهم أن يكونوا مرؤوسين، وما هم ببالغي ما يريدون من ذلك، فلا بدّ من تحقّق وعد الله عليهم، ومهما بلغوا فإنهم لا يعجزون الذي خلق السماوات والأرض وخلق ذلك أكبر من خلق الناس. ثم ذكر سبحانه، أنه لا يستوي أمر المؤمنين وأولئك المتكبّرين، وأن الساعة التي يفصل فيها بين الفريقين آتية لا ريب فيها وأمر المؤمنين أن يستمرّوا على الإخلاص في عبادته ليستجيب لهم، ويقيهم ممّا أعدّه لمن يستكبر عن عبادته. ثمّ ذكر ممّا يوجب عبادته عليهم أنه، جلّ وعلا، هو الذي جعل لهم الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا، إلى غير هذا مما ذكره من الآيات الدّالّة على قدرته وعظمته وتفضّله وإنعامه.
ثم بيّن السّياق العجب، بعد هذا، من أولئك المتكبّرين الذين يجادلون في آيات الله. ومضى في تهديدهم على ذلك إلى قوله تعالى: ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦) .
ثم أمر تعالى النبي (ص) بالصبر ووعده بالنصر عليهم، وذكر أنه سيريه في الدنيا بعض الذي يعدهم، ثمّ يرجعهم إليه فينتقم منهم أشدّ انتقام، ولكلّ من ذلك أجل يأتي فيه، وشأنه في ذلك شأن الرسل قبله، وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله، فإذا جاء أمره حلّ وعده عليهم. وفي سياق ترغيبهم وترهيبهم ذكر تعالى أنه هو الذي جعل لهم الأنعام لركوبهم وأكلهم، إلى غير هذا مما ذكره من نعمه عليهم، ثم أمرهم أن يسيروا في الأرض لينظروا عاقبة الذين كفروا من قبلهم، وقد اغترّوا بقوّتهم فاستهزأوا برسلهم وفرحوا بما عندهم من العلم، فلمّا أخذهم الله بعذابه قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (٨٥) .