للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا استؤنفت، والأخرى همزة ثابتة تقول «ألان» فتقطع ألف الوصل، ومنهم من يذهبها ويثبت الواو التي في قالُوا [الآية ٧١] لأنّه إنّما كان يذهبها لسكون اللام، واللّام قد تحركت لأنّه قد حوّل عليها حركة الهمزة «١» .

وأما قوله تعالى وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها [الآية ٧٢] فإنّما هي «فتدارأتم» ، ولكنّ التاء تدغم أحيانا، كذا في الدّال لأنّ مخرجها من مخرجها. فلمّا أدغمت فيها حوّلت، فجعلت دالا مثلها، وسكّنت فجعلوا ألفا قبلها حتى يصلوا إلى الكلام بها، كما قالوا: «اضرب» فألحقوا الالف حين سكنت الضّاد. ألا ترى أنك إذا استأنفت قلت «ادّارأتم» ومثلها يَذْكُرُونَ «٢» و «تذّكّرون» «٣» وأَ فَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ «٤» ومثله في القرآن كثير.

وإنّما هو «يتدبّرون» فأدغمت التاء في الدال، لأنّ التاء قريبة المخرج من الدال، مخرج الدال بطرف اللسان وأطراف الثنيتين، ومخرج التاء بطرف اللسان وأصول الثنيتين. فكلّ ما قرب مخرجه، فافعل به هذا، ولا تقل في «يتنزّلون» : «ينزّلون» لأنّ النون ليست من حروف الثنايا كالتاء.

وقال تعالى: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [الآية ٧٤] وليس قوله: أَوْ أَشَدُّ كقولك: «هو زيد أو عمرو» إنّما هذه أَوْ التي في معنى الواو، نحو قولك، «نحن نأكل البرّ أو الشّعير أو الأرزّ، كلّ هذا نأكل» ف أَشَدُّ ترفع على خبر المبتدأ. وإنما هو «وهي أشدّ قسوة» وقرأ بعضهم (فهي كالحجارة) فأسكن الهاء، وبعضهم يكسرها.

وذلك أنّ لغة العرب في «هي» و «هو» ولام الأمر، إذا كان قبلهن واو، أو فاء، أسكنوا أوائلهن. ومنهم من يدعها. قال تعالى وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ [القصص: ٧٠] وقال تعالى:


(١) . نقله في الجامع ١: ٤٥٥.
(٢) . في سبع آيات أوّلها الأنعام ٦: ١٢٦، وآخرها النحل ١٦: ١٣.
(٣) . ليس في الكتاب الكريم فعل مضارع مسند الى المخاطبين من «ذكر» بتضعيف الذال والكاف، بل فيه بتاءين غير مدغمين في ثلاثة مواضع وبتاء واحدة، وتضعيف الكاف، في سبع عشرة آية، راجع المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، باب ذكر. [.....]
(٤) . المؤمنون ٢٣: ٦٨ وفي الأصل «القرآن» بدل «القول» و «القرآن» في اثنتين أخريين هما في (النّساء ٤: ٨٢ ومحمّد ٤٧: ٢٤) والفعل معه «يتدبّرون» غير مجزوم.