الإيمان به جلّ شأنه وبرسوله محمد (ص) . وذكر أن رسوله إنما يدعوهم ليؤمنوا به، وقد أخذ ميثاقهم بهذا منذ خلقهم، وأنه جاءهم بكتاب ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ثم دعاهم إلى الإنفاق في سبيله، وفضّل من أنفق وقاتل قبل الفتح، على من أنفق وقاتل بعده، ووعد من ينفق في سبيله بأن يضاعفه له يوم القيامة، ويكون لهم فيها نور يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ويقول المنافقون والمنافقات ممّن لم ينفقوا في سبيله للذين آمنوا أو أنفقوا انظروا لنقتبس من نوركم، فيقال لهم: ارجعوا وراءكم، ويحال بينهم وبينهم إلى غير هذا من التحاور الذي يجري بينهم في ذلك اليوم ثم ذكر تعالى أنه حان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل، فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، ثمّ ذكر من آياته جلّ وعلا أنّه يحيي الأرض بعد موتها، لتخشع قلوبهم له، ورغّبهم في الإيمان به وبرسله، بأنّ الذين آمنوا به سبحانه، وبرسله، هم الصّديقون والشهداء، ولهم أجرهم ونورهم، والذين كفروا وكذّبوا بآياته هم أصحاب الجحيم، ثمّ هوّن لهم أمر الحياة الدنيا فذكر عزّ وجلّ أنها لعب ولهو إلى غير هذا مما هوّن به أمرها، وأمرهم أن يسابقوا إلى ما هو أعظم منها من نيل مغفرته وجنّته ثم ذكر أنّ ما يصيبهم في الأرض من قحط ونحوه، وفي أنفسهم من شرّ أو خير، فبقضائه وقدره. فلا يصحّ أن يحزنوا على ما فاتهم أو يفرحوا بما آتاهم، ليهوّن عليهم الإنفاق والجهاد في سبيله، ويحذّرهم من البخل والأمر به، ثم أشارت الآيات إلى أنّ ما يأمرهم به تعالى من ذلك، هو الذي أرسل به رسله بالبيّنات، وأنزل معهم الكتاب والميزان، ليقوم الناس بالقسط، وأنزل الحديد فيه بأس شديد، ومنافع للناس، وليعلم من ينصره ورسله بالجهاد به في سبيله وذكر سبحانه من أولئك الرسل نوحا وإبراهيم (ع) وأنه جعل في ذرّيتهما النبوّة والكتاب، ثمّ قفّى على آثارهم برسله، وقفى بعدهم بعيسى ابن مريم (ع) ، فأخذ بهدايتهم قليل من أتباعهم، وفسق كثير منهم ثم أمر هذه الأمّة أن تؤمن بالله ورسوله، الذي جاء