للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الأجوبة. وقال تعالى وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ [آل عمران: ١٨٠] معناه «لا يحسبنّه خيرا لهم» وحذف ذلك الكلام، وكان فيما بقي دليل على المعنى. ومثله وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) [يس] ثمّ قال تعالى وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ [يس: ٤٦] من قبل أن يجيء بقوله «فعلوا كذا وكذا» لأنّ ذلك في القرآن كثير، استغني به. وكان في قوله جل شأنه وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ «١» دليل على أنّهم أعرضوا فاستغني بهذا وكذلك جميع ما جاز فيه نحو هذا. وقال تعالى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧) [الإسراء] ولعلّ معنى قوله تعالى وَلِيُتَبِّرُوا على معنى: «خلّيناهم وإيّاكم لم نمنعكم منهم بذنوبكم» .

وقال لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ، ولم يذكر أنّه خلّاهم وإيّاهم على وجه الترك في حال الابتلاء بما أسلفوا ثمّ لم يمنعهم من أعدائهم أن يسلّطوا عليهم بظلمهم.

وقال وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ [الأنعام: ٩٣] فليس لهذا جواب.

وقال تعالى وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ [البقرة: ١٦٥] فجواب هذا إنّما هو في المعنى، وهذا كثير «٢» .

وسنفسّر كل ما مررنا به إن شاء الله.

وزعموا أنّ هذا البيت ليس له جواب [من الطويل وهو الشاهد الثاني والعشرون بعد المائة] :

ودويّة قفر تمشّى نعامها ... كمشي النّصارى في خفاف الأرندج «٣»

يريد «وربّ دويّة» ثمّ لم يأت له بجواب. وقال «٤» [من البسيط وهو


(١) . يس ٣٦: ٤٦، والأنعام ٦: ٤ أيضا.
(٢) . نقل عنه هذا الرأي في إعراب القرآن ١: ٨٦ و ٨٧، والجامع ٢: ٢٠٥، والبحر ١: ٤٧٢.
(٣) . في الأصل: يمشي. البيت للشمّاخ بن ضرار الذبياني، وهو في ديوانه ٨٣ ب «داوية» و «تمشّى نعاجها» و «اليرندج» ، وفي الكتاب ١: ٤٥٤ ب «تمشّي» ، ورواه الأصمعي في شرح ديوان العجاج ٣٥٣ ب «تمشّي نعاجها» و «اليرندج» وفي المقاييس ٢: ٢٦٢ ب «اليرندج» وبلا عزو. وفي الصحاح «دوى» كما في رواية الأخفش بلا عزو. وفي اللسان «ردج» معزوا ب «اليرندج» وفي «دوا» معزوا أيضا برواية الأخفش.
(٤) . هو عبد مناف بن ربيع الهذلي. ديوان الهذليين ٢: ٤٢، ومجاز القرآن ١: ٣٧ و ٣٣١، و ٢: ١٩٢ والصحاح، «قتد» و «شرد» و «جمل» و «سلك» ، والجمهرة ٢: ٩ ب «أسلكوهم» و ١١٠ و ٣: ٤٥، والإنصاف ٢: ٢٤٥، والتمام بلا عزو ٥٥، وتاج العروس «شرد» و «قتد» ، ومختار الصحاح «عز» ، والصّاحبي بلا عزو «٣٩» ، والاشتقاق ٢٤٦ بلا عزو وادب الكاتب ٣٣٣، والمخصّص بلا عزو ١٦: ١٠١، وتفرّد الأزهري في التهذيب ١٠: ٦٣ إلى ابن أحمر، وبلفظ «سلكوهم» ، بلا ألف، والأنباري في شرح القصائد السبع ٥٦ بلفظ «أسلموهم» ، وورد في سائر المصادر الأخرى ب «أسلكوهم» ، الّا ما نصصت عليه، وفيها جميعا ب «تطرد» أمّا في الأصل ف «طرد» .