«وكان يهود بنو النضير حلفاء الخزرج، وبينهم وبين المسلمين عهود خاصة يأمن بها كل منهم الاخرة» لكنّ بني النضير لم يوفوا بهذه العهود، حسدا منهم وبغيا، فقد ذهب رسول الله (ص) في عشرة من أصحابه الى محلة بني النضير، يطلب منهم المشاركة في أداء دية قتيلين، بحكم ما بينه وبينهم من عهود، فاستقبله اليهود بالبشر والتّرحاب، ووعدوا بأداء ما عليهم بينما كانوا يدبّرون أمرا لاغتيال رسول الله (ص) ومن معه، وكان (ص) ، جالسا إلى جدار من بيوتهم، فقال بعضهم لبعض: إنّكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، فهل من رجل منكم يعلو هذا البيت فيلقي صخرة عليه فيريحنا منه؟ فقال عمرو بن جحاش بن كعب: أنا لذلك، فصعد ليلقي صخرة على رسول الله (ص) ، فاطّلع (ص) على قصدهم، فقام كأنّما ليقضي أمرا فلما غاب استبطأه من معه، فخرجوا من المحلّة يسألون عنه، فعلموا أنه دخل المدينة.
وأمر رسول الله (ص) ، بالتهيؤ لحرب بني النّضير، لظهور الخيانة منهم، ونقض عهد الأمان الذي بينه وبينهم، وكان قد سبق هذا إقذاع كعب بن الأشرف، من بني النضير، في هجاء رسول الله (ص) وما قيل من أنّ كعبا ورهطا من بني النضير، اتصلوا بكفار قريش اتصال تامر وتحالف وكيد، ممّا جعل رسول الله (ص) يأذن لمحمد ابن مسلمة في قتل كعب بن الأشرف، فقتله. فلما كان التبييت للغدر برسول الله (ص) في محلة بني النضير، لم يبق مفر من نبذ عهدهم.
ثم أرسل النبي (ص) إليهم، محمد بن مسلمة ليقول لهم اخرجوا من بلادي فقد هممتم بالغدر.
وتجهز الرسول (ص) لقتال بني النضير، وحاصر محلّتهم، وأمهلهم ثلاثة أيام، وقيل عشرة، ليفارقوا المدينة، على أن يأخذوا أموالهم، ويقيموا وكلاء عنهم على بساتينهم ومزارعهم.
وتهيّأ بنو النضير للرحيل ولكنّ المنافقين في المدينة، أرسلوا إليهم يحرّضونهم على الرفض والمقاومة، وقالوا لهم لا تخرجوا من دياركم، وتمنّعوا في حصونكم ونحن معكم إن