، فنهاهم عن موالاة المشركين الذين أخرجوهم من ديارهم، ووبّخ من يسرّ إليهم بالمودة من المنافقين، وذكر أنهم إن يلتقوا بهم يكونوا لهم أعداء ويؤذوهم بالفعل والقول، وهدّدهم إذا راعوا في ذلك ما بينهم من قرابة بأنها لن تنفعهم يوم القيامة، بل يفصل فيها بينهم، ولا ينتفع بعضهم بقرابة بعض، ثمّ أخبرهم، جلّ وعلا، بما كان من إبراهيم والذين معه إذ تبرّأوا من قومهم وعادوهم، ليكون لهم قدوة حسنة فيهم ثم ذكر أنهم إذا عادوهم ترجى مودّتهم بإسلامهم، لأنّ العداوة قد تكون سببا في المودّة، ثم ذكر، سبحانه، أنه لا ينهاهم عن موالاة الذين لم يقاتلوهم في الدّين، ولم يخرجوهم من ديارهم، وإنّما ينهاهم عن موالاة الذين فعلوا ذلك معهم. وكان في صلح الحديبية أن يردّ النبي (ص) على قريش من يهاجر إليه منهم، فجاءته سبيعة بنت الحارث مسلمة، وهو لا يزال بالحديبية، فأقبل زوجها يطلب ردّها إليه على ما جاء في الصلح بينهم، وكذلك فعل غيرها من النساء، فجاء أهلهن يطلبون ردّهن، فأجابهم النبي (ص) بأن هذا الشرط في الرجال دون النساء، وذكر الله تعالى في ذلك أنه إذا جاءهم المؤمنات مهاجرات فليمتحنوهنّ، فإن علموهنّ مؤمنات لا يرجعوهنّ إلى الكفّار، لأنّهنّ محرّمات عليهم، وهم محرّمون عليهنّ وأحلّ للمسلمين أن ينكحوهنّ إذا دفعوا لهنّ مهورهنّ، إلى غير هذا ممّا ذكره في أمرهنّ ثمّ أمر النبي (ص) إذا جاءه المؤمنات مهاجرات يبايعنه، ألّا يشركن، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان من نميمة أو نحوها، ولا يعصينه في معروف أن يبايعهنّ ويستغفر لهنّ الله، إنّ الله غفور رحيم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (١٣) .