ليصطلي نار الجحيم ويشوى بها، ويدخل في سلسلة طولها سبعون ذراعا تلفّ على جميع جسمه وذراع واحد من سلاسل النار تكفيه، ولكن الآية تكشف عن شدة العذاب وهوله، حفظنا الله من عذاب النار.
[الآيتان ٣٣- ٣٤] : تذكّران أسباب العذاب والسعير، فقد خلا قلب هذا الكافر من الإيمان بالله، كما خلا قلبه من الرحمة بالعباد، ومن العطف على المساكين، ومن الحثّ على إطعامهم والبرّ بهم.
[الآيات ٣٥- ٣٧] : تخبرنا أنّ الكافر لا يجد له صديقا ولا حميما يؤنسه، ولا يأكل الا غسالة أهل جهنم من القيح والصديد، وهو طعام لا يأكله إلّا المذنبون، المتصفون بالخطيئة، فليتّق الله كلّ غنيّ في ماله، وليعلم أنّ للمساكين والأرامل والشيوخ والأطفال حقا في هذا المال، وسيترك المال لورثته ويسأل هو عن زكاته.
[الآيات ٣٨- ٤٣] : تبيّن لنا أنّ الوجود أضخم بكثير ممّا يرى البشر، والكون مملوء بعقول فعّالة غير عقولنا.
«إنّ الإنسان قد يكون جهازا، ولكن من الذي يدير هذا الجهاز؟ لأنه بدون أن يدار لا فائدة منه، والعلم لا يعلل من يتولى إدارته، وكذلك لا يزعم أنه مادي. لقد بلغنا من التقدم درجة تكفي لأن نوقن بأن الله سبحانه قد منح الإنسان قبسا من نوره»«١» .
والآيات تقسم بما تشاهدون من المخلوقات وبما غاب عنكم. وقال عطاء: ما تبصرون من آثار القدرة، وما لا تبصرون من أسرار القدرة.
إن القرآن كلام الله ومنهج الله وشريعة الله، وليس قول شاعر ولا قول كاهن انّما هو قول رسول أرسل به من عند الله، فحمله الى عباد الله بأمانة وإخلاص في تبليغ الرسالة.
في [الآيات ٤٤- ٤٦] : أن قدرة الله قدرة بالغة، ولو تقوّل محمّد بعض الأقاويل، لعاجلناه بالعقوبة، وأزهقنا روحه، فكان كمن قطع وتينه. وهذا تصوير للهلاك بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه، إذ يأخذه السيّاف بيمينه، ويكفحه بالسيف ويضرب عنقه.
(١) . أ. كريسى موريسون. رئيس أكاديمية العلوم في نيويورك. في كتابه المترجم. بعنوان «العلم يدعو الى الايمان» .