الجبال (كالعهن) : أي كالصوف الواهن المنتفش. ويتمنّى الكافر في ذلك اليوم لو يفتدى من العذاب ببنيه، وزوجته وأخيه، وقبيلته وجميع من في الأرض. وهي صورة للهول الشديد الذي يصيب الكافر فيتمنّى النجاة ولو قدّم أعز الناس إليه. ومن كان يفتديهم بنفسه في الحياة.
[الآيات ١٥- ١٨] : تردع هذه الآيات هذا الكافر، عن تلك الأماني المستحيلة، في الافتداء بالبنين والعشيرة. وتبيّن للكافر أنّ ما أمامه هو النار، تتلظّى وتتحرّق، وتنزع الجلود عن الوجوه والرؤوس نزعا وهي غول مفزعة تنادي من أعرض عن الحق، وحرص على المال، وبخل به ليدخل فيها.
[الآيات ١٩- ٢١] : جبل الإنسان على الهلع فهو قليل الصبر، شديد الحرص، يجزع إذا نزل به الضرّ والألم، فلا يتصوّر أن هناك فرجا ومن ثم يأكله الجزع، ويمزّقه الهلع، كما يغلبه الحرص والبخل عند وجود المال والعافية.
[الآيات ٢٢- ٣٥] : تستثني هذه الآيات المصلّين، فإنّهم يحافظون على صلاتهم، فتمنحهم الصلاة الثبات والاستقرار، وتراهم صابرين في البأساء، شاكرين في النعماء، يخرجون زكاة أموالهم، ويتصدّقون على الفقراء، ويصدّقون بيوم الجزاء، ويخافون غضب الله وعقابه، ويتّسمون بالاستقامة والعفة، وحفظ الفروج عن الحرام، والتمتّع بالحلال من الزوجة وملك اليمين، وأداء الشهادة بالحق والعدل، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وأداء سننها وآدابها وخشوعها تلك الصفات هي صفات هذا الفريق المؤمن، الذي يستحق الجنّة والتكريم، ويتمتّع بالنعيم الحسّي، والنعيم الروحي: أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥) .
[الآيتان ٣٦- ٣٧] : تعرض هاتان الآيتان مشهدا من مشاهد الدعوة في مكة، والمشركون يسرعون الخطى، الى المكان الذي يكون فيه الرسول (ص) يتلو القرآن الكريم ثم يتفرّقون حواليه جماعات وفئات، لا ليسمعوا ويهتدوا، ولكن ليستطلعوا ثم يتفرقوا، يدبرون الكيد والردّ على ما سمعوا.