[الآيتان ٢٥- ٢٦] : ودم على ذكره في الصباح والمساء، والخلوة والجلوة، وصلّ بعض الليل كصلاة المغرب والعشاء، واسجد له بالليل وسبّحه طويلا، لأنه مصدر القوة والعناية، وينبوع العون والهداية ومن وجد الله وجد كلّ شيء، فالصلة به سبحانه هي السعادة الكبرى، والعناية العظمى، والزاد الحقيقي الصالح لهذه الرحلة المضنية في طريق الحياة.
[الآية ٢٧] : إنّ هؤلاء المشركين بالله يحبّون الدنيا، وتعجبهم زينتها، وينهمكون في لذّتها الفانية، ويتركون اليوم الثقيل، الذي ينتظرهم هناك بالسلاسل والأغلال والسعير، بعد الحساب العسير.
والآية تثبيت للنبي (ص) والمؤمنين في مواجهة المشركين، إلى جانب أنّها تهديد ملفوف، لأصحاب العاجلة باليوم الثقيل.
[الآية ٢٨] : يتلو ذلك التهديد التهوين من أمرهم عند الله جلّ جلاله، الذي أعطاهم ما هم فيه من قوة وبأس، وهو قادر على الذهاب بهم فهم لا يعجزونه بقوتهم، وهو الذي خلقهم وأعطاهم إيّاها، وهو قادر على أن يخلق أمثالهم في مكانهم، فإذا أمهلهم ولم يبدل أمثالهم فهو فضله ومنّته، وهو قضاؤه وحكمته.
[الآية ٢٩] : إنّ هذه السورة بما فيها من ترتيب بديع، ونسق عجيب، ووعد ووعيد، وترغيب وترهيب، تذكرة وتبصرة لكل ذي عقل وبصيرة. فمن شاء الخير والنجاة لنفسه في الدنيا والاخرة، فليتقرّب إلى ربّه بالطاعة، وليصدّق بالقرآن والرسول الكريم فذلك هو الطريق إلى الله.
[الآية ٣٠] : ويعقب على ذلك بإطلاق المشيئة، وردّ كل شيء إليها، ليكون الاتّجاه الأخير إليها، والاستسلام الأخير لحكمها.
وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠) أي وما تشاؤون اتّخاذ السبيل الموصلة إلى النجاة، ولا تقدرون على تحصيلها، إلّا إذا وفّقكم الله لاكتسابها، وأعدكم لنيلها.
ذلك كي تعلم قلوب البشر أن الله هو الفاعل المختار، المتصرّف القهّار:
إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً (٣٠) بما يصلح العباد، حَكِيماً (٣٠) وضع كل انسان