[الآيات ٥- ٧] : أمّا من أظهر الاستغناء عنك وعن دينك، وعمّا عندك من الخير والإيمان، فأنت تتصدّى له، وتحفل بأمره، وأنت مبلّغ عن الله، عليك البلاغ، وليس عليك هداهم، ولا يضيرك إعراضهم.
[الآيات ٨- ١٠] : وأمّا عبد الله بن أمّ مكتوم، الذي جاءك طائعا مختارا ساعيا يخشى ويتوفّى، فأنت تتشاغل عنه بهؤلاء الأشراف من قريش ثم تتصاعد نبرة العتاب لتبلغ حدّ الردع والزجر.
[الآيات ١١- ١٦] : (كلا) ، لا يكن ذلك أبدا.
إنّ هداية القرآن غالية عالية، فمن شاء اهتدى بها وتذكّر أحكامها، واتّعظ بها وعمل بموجبها. وهذا الوحي كريم على الله، كريم في كل اعتبار، منزّه عن النقص والضلالة، قد دوّن في صحف مكرّمة ذات شرف ورفعة، مطهّرة من النقائص والضلالات، تنزّل بواسطة الملائكة على الأنبياء، وهم يبلّغونها للناس. والملك سفير لتبليغ وحي السماء، والرسول سفير لتبليغ الدعوة إلى الناس، وهم كرام أبرار أطهار لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
وقد بلّغ النبي الكريم وحي السماء، وغيّر كثيرا من المفاهيم السائدة، وجعل أسامة بن زيد أميرا على جيش به أجلّاء الصحابة، ووضع في نفوس أصحابه تقدير الناس بأعمالهم فقط لا بأحسابهم وأنسابهم يقول عمر بن الخطاب (رض) : «لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته» . ويقول عمر أيضا:«أبو بكر سيّدنا وأعتق سيّدنا» أي أنّ أبا بكر (رض) أعتق بلالا (رض) مؤذّن الرسول الأمين (ص) .
[الآيات ١٧- ٢٣] : قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) دعاء على الكافر، فإنه ليستحقّ القتل على شدة كفره وجحوده، ونكرانه لنعم الله عليه، لماذا يتكبّر وهو مخلوق من أصل متواضع زهيد، يستمدّ كلّ قيمة من فضل الله ونعمته، ومن تقديره وتدبيره. لقد خلقه الله من نطفة، فمرّت النطفة بأطوار كثيرة، في بطن الأم، ومرّ هو