والحساب «١» ، عن السورة التي قبلها، والتي فيها ذكر الموقف عن التي فيها مبادئ يوم القيامة.
ووجه آخر، وهو: أنه جلّ جلاله لما قال في الانفطار: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) . وذلك في الدنيا، ذكر في هذه السورة حال ما يكتبه الحافظان، وهو: كتاب مرقوم جعل في علّيّين، أو في سجّين، وذلك أيضا في الدنيا، لكنّه عقّب بالكتابة، إمّا في يومه، أو بعد الموت في البرزخ كما في الآثار. فهذه حالة ثانية في الكتاب ذكرت في السورة الثانية. وله حالة ثالثة متأخّرة فيها، وهي أخذ صاحبه باليمين أو غيرها، وذلك يوم القيامة، فناسب تأخير السورة التي فيها ذلك، عن السورة التي فيها الحالة الثانية، وهي الانشقاق، فلله الحمد على ما منّ بالفهم لأسرار كتابه.
ثم رأيت الإمام فخر الدين قال في سورة المطفّفين أيضا: اتصال أوّلها بآخر ما قبلها ظاهر، لأنّه تعالى بيّن هناك أن يوم القيامة من صفته: لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار/ ١٩] وذلك يقتضي تهديدا عظيما للعصاة، فلهذا أتبعه بقوله سبحانه: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) .
(١) . وذلك في قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) [الانشقاق] ، إلى قوله: وَيَصْلى سَعِيراً (١٢) [الانشقاق] .