للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: لتركبنّ سنّة من كان قبلكم من الأمم.

وقيل: المراد بذلك تنقّل الناس في أحوال الأعمار، وأطوار الخلق والأخلاق. والعرب تسمّي الدواهي «بنات طبق» وربما سمّوا الداهية: أمّ طبق. قال الشاعر «١» :

قد طرّقت ببكرها أمّ طبق فنتجوها خبرا ضخم العنق موت الإمام فلقة من الفلق والفلق أيضا من أسماء الدواهي. واحدها فلقة.

وفي قوله سبحانه: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (٢٣) استعارة. والمراد بها ما يسرّون في قلوبهم، ويكنّون في صدورهم.

يقول القائل أوعيت هذا الأمر في قلبي. أي جعلته فيه كما يجعل الزاد في وعائه، ويضمّ المتاع في عيابه «٢» فالقلوب أوعية لما يجعل فيها من خير أو شر، وعلم أو جهل أو باطل أو حق.


(١) . هو خلف الأحمر. وأصله مولى لأبي بردة من فرغانة، ولكنّه حفظ كلام العرب وشعرهم وأخبارهم، حتى صار يقول الشعر، فيجيده وينحله الشعراء المتقدّمين. وكان الأصمعي من رواته، كما سمع هو من حمّاد الراوية.
وأخباره في «طبقات الأدباء» و «الشعر والشعراء» و «العقد الفريد» و «الفهرست» . توفي سنة ١٨٠ هـ.
وأمّ طبق: هي الداهية. والخبر: الناقة الغزيرة اللبن، والفلقة: الداهية. وفي ثمار القلوب» للثعالبي: قال الأصمعي: أول من نعى المنصور بالبصرة خلف الأحمر، وكنّا في حلقة يونس، فجاء خلف الأحمر فسلّم، ولم يكن الخبر فشا، ثم قال: «قد طرّقت ببكرها أمّ طبق» . فقال يونس: وما ذاك يا أبا محرز؟ فقال «فنتجوها خبرا ضخم العنق» . فقال: لم أدر بعد! فقال: «موت الإمام فلقة من الفلق» . فارتفعت الضجة بالبكاء والاسترجاع- ص ٢٠٧ من «الثمار» .
وانظر الخبر في «لسان العرب» مادة طبق. وفي الورقة ٦٠ من كتاب «المعوّل عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبّي، وهو مخطوط مصور بمجمع اللغة العربية.
(٢) . العياب: الأوعية واحدها: العيبة.