للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمهرة العلماء، أو جنس الشهب التي يرجم بها الشياطين ويرى الحسن أنّ المراد كلّ كوكب، لأنّ له ضوءا ثاقبا لا محالة.

يقسم بالسماء ونجمها الثاقب، أنّ كلّ نفس عليها من أمر الله رقيب إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤) وفي هذا التعبير بهذه الصيغة معنى التوكيد، ما من نفس إلّا عليها حافظ يراقبها ويحصي عليها، ويحفظ عنها، وهو موكل بها بأمر الله. وقد خصّ النفس هنا لأنها مستودع الأسرار والأفكار، وهي التي يناط بها العمل والجزاء.

[الآيات ٥- ٧] : فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) .

فلينظر الإنسان من أيّ شيء خلق، والى أيّ شيء صار، إنّه خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) خلق من هذا الماء الذي يجتمع من صلب الرجل، وهو عظام ظهره الفقارية، ومن ترائب المرأة وهي عظام صدرها العلويّة. ولقد كان هذا سرّا مكنونا في علم الله لا يعلمه البشر، حتّى كان القرن العشرون، حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته، وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية يتكوّن ماء الرجل، وفي عظام الصدر العلويّة يتكوّن ماء المرأة، حيث يلتقيان في قرار مكين، فينشأ منهما الإنسان.

«وقد ثبت في علم الأجنّة أنّ البويضة ذات الخليّة الواحدة تصير علقة ذات خلايا عدّة، ثمّ تصير العلقة مضغة ذات خلايا أكثر عددا، ثمّ تصير المضغة جنينا صغيرا وزّعت خلاياه الى طبقات ثلاث، يخرج من كل طبقة منها مجموعة من الأنسجة المتشابهة في أوّل الأمر، فإذا تمّ نموّها كوّنت جسم الإنسان.

«وما وراء هذه اللمحة الخاطفة عن صور الرحلة الطويلة العجيبة بين الماء الدافق والإنسان الناطق، حشود لا تحصى من العجائب والغرائب، في خصائص الأجهزة والأعضاء، تشهد كلها بالتقدير والتدبير، وتشي باليد الحافظة الهادية المعينة، وتؤكّد الحقيقة الأولى التي أقسم عليها سبحانه وتعالى بالسماء والطارق، كما تمهّد للحقيقة التالية، حقيقة النشأة الآخرة التي لا يصدّقها المشركون، المخاطبون أوّل مرة بهذه السورة» .