[الآية ٢] : وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وأنت مقيم بهذا البلد، يكرم الله تعالى نبيه محمدا (ص) ، الذي جعله خاتم المرسلين، وأرسله هداية للعالمين، وجعل مولده بمكّة وهذا الميلاد يزيد مكّة شرفا وتعظيما: لأن أفضل خلق الله يقيم بها، ويحل بين شعابها، ويتنقّل بين أماكنها داعيا الى دين الله، حاملا وحي السماء، وهداية الناس.
[الآية ٣] : وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) أقسم الله بآدم وذريته لكرامتهم على الله، قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ [الإسراء/ ٧٠] وقيل: كل والد ومولود، «والأكثرون على أنّ الوالد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، والولد محمد (ص) ، كأنه أقسم ببلده ثمّ بوالده ثمّ به» .
[الآية ٤] : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤)(الكبد) : المشقّة والتّعب، أي أوجدت الإنسان في تعب ومعاناة في هذه الحياة، فهو في مشقة متتابعة (من وقت احتباسه في الرحم إلى انفصاله، ثمّ إلى زمان رضاعه، ثم إلى بلوغه، ثمّ ورود طوارق السّرّاء وبوارق الضّرّاء، وعلائق التكاليف، وعوائق التمدّن والتعيّش عليه إلى الموت، ثم إلى البعث، من المساءلة وظلمة القبر ووحشته، ثم إلى الاستقرار في الجنة أو النار، من الحساب والعتاب والحيرة والحسرة) ونظير الآية قوله تعالى:
روي أن هذه الآيات نزلت في بعض صناديد قريش، الذين كان رسول الله (ص) ، يكابد منهم ما يكابد، وهو أبو الأشدّ أسيد بن كلدة الجمحي، وكان مغترّا بقوّته البدنيّة، وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة. وسواء أكانت هذه الآيات نزلت في أحدهما أم في غيرهما فإنّ معناها عام.