لله تعالى كتابان: كتاب مقروء، وهو القرآن الكريم، وكتاب مفتوح، وهذا هو الكون العظيم، ومشاهد الكون تأسر القلوب، وتبهج النفس، وتوقظ الحس، وتنبّه المشاعر.
«ومن ثم يكثر القرآن من توجيه القلب الى مشاهد الكون بشتّى الأساليب في شتّى المواضع، تارة بالتوجيهات المباشرة، وتارة باللمسات الجانبية، كهذا القسم بتلك الخلائق والمشاهد، ووضعها إطارا لما يليها من الحقائق» .
[الآية ١] : أقسم الله بالشمس، وبنورها الساطع في وقت الضحى، وهو الوقت الذي يظهر فيه ضوء النهار، ويتجلّى نور الشمس، ويعمّ الدفء في الشتاء، والضياء في الصيف، قبل حر الظهيرة وقيظها.
[الآية ٢] : وأقسم الله بالقمر إذا جاء بعد الشمس، بنوره اللطيف الهادئ الذي يغمر الكون بالضياء والأنس والجمال.
[الآية ٣] : وأقسم بالنهار إذا أظهر الشمس، وأتمّ وضوحها، وللنهار في حياة الإنسان آثار جليلة، ففيه السعي والحركة والنشاط. [الآية ٤] : وأقسم الله بالليل إذا غشي الكون، فغطى ظلامه الكائنات، وحجب نور الشمس وأخفاه.
[الآية ٥] : وأقسم الله بالسماء ومن قدّر خلقها، وأحكم صنعها على النحو الذي نشاهده.
[الآية ٦] : وأقسم الله بالأرض، والذي بسطها ومهّدها للسّكنى.
لقد جمع القسم بين ضياء الشمس ونور القمر، وضوء النهار وظلام الليل، وارتفاع السماء وبسط الأرض، وتلحظ في هذا القسم المقابلة بين النور والظلام، بين السماء والأرض، مما يلفت النظر إلى بديع صنع الله، وجليل وحيه وإعجاز كتابه.