للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) أي وستعذّب أيضا بهذه النار امرأته أروى بنت حرب، أخت أبي سفيان بن حرب، جزاء لها على ما كانت تجترحه من السعي بالنميمة، إطفاء لدعوة رسول الله (ص) . والعرب تقول لمن يسعى في الفتنة ويفسد بين الناس: هو يحمل الحطب بينهم، كأنّه بعمله يحرق ما بينهم من صلات وقيل إنها كانت تحمل حزم الشوك والحسك والسعدان، وتنثرها بالليل في طريق رسول الله (ص) لإيذائه.

فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥) في عنقها حبل ممّا مسّد به من الحبال، أي أحكم فتله وقد صوّرها الله تعالى بصورة من تحمل تلك الحزمة من الشوك، وتربطها في جيدها، كبعض الحطّابات الممتهنات، احتقارا لها، واحتقارا لبعلها، حينما اختارت ذلك لنفسها.

وجملة أمرها: أنّها في تكليف نفسها المشقّة الفادحة للإفساد بين الناس، وإيقاد نيران العداوة بينهم، بمنزلة حاملة الحطب، التي في جيدها حبل خشن تشدّ به ما تحمله إلى عنقها، حين تستقل به وهذه أبشع صورة تظهر بها امرأة، تحمل الحطب وهي على تلك الحال.

«ويروي بعض العلماء، أن المراد بيان حالها وهي في نار جهنّم، إذ تكون على الصورة التي كانت عليها في الدنيا، حينما كانت تحمل الشوك، إيذاء لرسول الله (ص) فهي لا تزال تحمل حزمة من حطب النار، ولا يزال في جيدها حبل من سلاسلها، ليكون جزاؤها من جنس عملها، فقد روي عن سعيد بن المسيّب، أنه قال: كانت لأم جميل قلادة فاخرة، فقالت:

لأنفقنّها في عداوة محمد فأعقبها الله في جيدها حبلا من مسد النار» «١» .

«وكل امرأة، تمشي بالفتنة والفساد بين الناس، لتفرّق كلمتهم، وتذهب مذاهب السوء، فلها نصيب من هذا العذاب، وجزء من هذا النكال» «٢» .


(١) . تفسير المراغي للأستاذ أحمد مصطفى المراغي ٣٠: ٢٦٣.
(٢) . مقتبس من تفسير جزء عم، للأستاذ الإمام محمد عبده، ص ١٣٣. [.....]