للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن القرآن انما أنزل على الأمر والذي كأنه قال لهم: «اذكروا كذا وكذا» وهذا في القرآن وارد في غير موضع و «اتّقوا يوم كذا» أو «حين كذا» .

وقال الله تعالى: إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ [الآية ٤٤] لأنّ كل ما كان من طلب العلم فقد يقع بعده الاستفهام. تقول: «أزيد في الدّار» ؟

و: «لتعلمنّ أزيد في الدّار» . وقال:

لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ [الكهف/ ١٢] أي:

لننظر. وقال تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [هود/ ٧ والملك/ ٢] وأمّا قوله: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) [مريم] فلم يرتفع على مثل ما ارتفع عليه الأول لأن قوله لَنَنْزِعَنَّ ليس بطلب علم. ولكن لما فتحت «من» و «الذي» في غير موضع «أي» ، صارت غير متمكّنة، إذ فارقت أخواتها تركت على لفظ واحد وهو الضم «١» وليس بإعراب. وجعل أَشَدُّ من صلتها وقد نصبها قوم وهو قياس «٢» . وقالوا:

«إذا تكلّم بها فإنّه لا يكون فيها إلّا الإعمال» . وقد قرئ (تماما على الذي أحسن) [الأنعام/ ١٥٤] برفع «أحسن» وجعله من صلة «الذي» «٣» وفتحه على الفعل أحسن «٤» . وزعموا ان بعض العرب قال: «ما أنا بالّذي قائل لك شيئا» فهذا الوجه لا يكون للاثنين إلا «ما نحن باللّذين قائلان لك شيئا» .

وقال تعالى: اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً [الآية ٤٥] نصبه على الحال وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [الآية ٤٥] عطفه على وَجِيهاً وكذلك وَكَهْلًا [الآية ٤٦] معطوف على وَجِيهاً لأن ذلك منصوب. وأما قوله تعالى: بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ [الآية ٤٥] فانه جعل «الكلمة» هي «عيسى» لأنه في المعنى


(١) . في الجامع ١١/ ١٣٣، انها قراءة القراء كلهم إلا هارون القارئ الأعور.
(٢) . في الجامع ١١/ ١٣٣، الى هارون القارئ الأعور، والبحر ٦/ ٢٠٩ الى معاذ بن مسلم الهراء والى زائدة عن الأعمش، وفي الشواذ ٨٦ الى معاذ أيضا وطلحة بن مصرف، وفي الكتاب ١/ ٣٩٧ بلا نسبة وقصرها في المشكل على هارون القارئ ٢/ ٤٥٨.
(٣) . في الطبري ١٢/ ٢٣٦ والمحتسب ٢٣٤ الى يحيى بن يعمر، وزاد في الجامع ٧/ ١٤٢ و ٤/ ٢٥٥ ابن أبي إسحاق. وفي معاني القرآن ١/ ٣٦٥ والكشف ١٠١ بلا نسبة، وكذلك في الكتاب ١/ ٢٧٠.
(٤) . في الطبري ١٢/ ٢٣٦ الى قراء الأمصار، وفي الجامع ٧/ ١٤٢ ومعاني القرآن ١/ ٣٦٥ بلا نسبة، وزاد في الأخير أن «أحسن» منصوب على نية الخفض صلة ل «الذي» وليس فعلا.